ثقافة

فيلم سابقا الآن ولاحقا.. تحفة اندونسية من توقيع كامليا انديني

جدة – عبد الستار ناجي


الفيلم الاندونيسي ( سابقا الان لاحقا ) للمخرجة كامليا انديني كان قد فاز بجائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي الدولي 2021 . وهو عملها السينمائي الرابع . حيث تظل تلك المبدعة تمتاز ببصمتها السينمائية التى تمتاز بالحضور العالي الكعب للتعامل مع السينما كفن قبل اي شي اخر ولهذا فهي تؤمن لهذة التجربة كل المعطيات للذهاب بعيدا في التاكيد على اللغة السينمائية التى تريدها .
حلول اخراجية ثرية بالدلالات والمضامين وعميقة تاتى من خلال نص روائي بذات الاسم قامت المخرجة كاملة بالتصدي لكتابتها واخراجها لاحقا . حكاية تاخذنا الى ( نانا ) التى فقدت زوجها اثر حملات التطهير التى اجتاحت بلادها في ستينيات القرن الماضي لذا تلك الى الغابات البعيدة وهناك تفقد طفلها . ولكنها بعد حين تتزوج من تاجر ثري يؤمن لها الحياة والثراء وهى في المقابل تغدق عليه المحبة والحنان والقيام بوجباتها الاسرية وايضا الاشراف على الاعمال الخاصة بالمزارع ولكن هناك شي ما يبقي ناقصا لا يجعلها تبلغ قمة السعادة والرضا بالحياة رغم كل المعطيات الاسرية والرخاء . وخلال تلك الفترة تنجب من ولدان وبنت .
ذات يوم تلتقي مع احدي الفتيات التى تعمل ( جزارة ) في السوق وسرعان ما تتطور بينهما العلاقة حيث تعجب ( نانا ) الجزارة ( انو ) الرافضة لكافة انواع السيطرة والرضوخ والتى تظل تتابع حياة ( نانا ) التى رغم استقرارها الا انها تظل لا تشعر بالسعادة والحرية والفرح العفوي .
وسط تلك الاجواء تزدحم الاحلام والكوابيس والرؤي حتى اللحظة التى يظهر بها زوجها من جديد بعد ان كان متخفيا سنوات طويلة . وتحثها صديقتها ( انو ) على اتخاذ القرار المناسب والتى يشعرها بالسعادة لانها ستظل طيلة عمرها لا تشعر بالسعادة والفرح والحياة ..

قصيدة سينمائية عن القرار والتحديات التى يحملها الانسان من اجل تحمل تبعيات ذلك القرار خصوصا وانه سيعمل على تنشطر الاسرة حيث قرارات الابناء بالاختيار بين البقاء مع امهم او ابيهم وهنا تنشطر الاسر فعلا ولهذا تحاول ( نانا ) ان تتريث او تصرف النظر عن ذلك القرار ولكن ( انو ) تظل تؤكد لها ان القرار مهما بلغت قسوته فانه سيحمل لها الفرح المفقود الذى ظلت سنوات طويلة تنتظره ..
وياتى القرار بالانفصال ..
كل تلك الاحداث تاتى بايقاع بطئ وسينما تعتمد لغه بصرية وحلول اخراجية ذكية من اجل صناعة هذة التحفة السينمائية الثرية بالمضامين خصوصا على صعيد التمثيل وايضا تصميم المشاهد وقبل كل هذا وذاك الاخراج السلس الانسيابي الذي يدعونا الى التامل والتحليل ضمن صياغة موسيقية وكاننا امام احتفاء عال بالارث الموسيقي الاندونيسي الرفيع .
ونتوقف امام الاداء المتميز للنجمة هابي سلمي وهي تتحول بين التفاعلات الدرامية التى تحيط بشخصية نانا ومعها ايضا الممثلة لاورا بوسوكي في اداء متناغم يؤكد باننا امام احترافية وفهم لابعاد حرفة التمثيل .
ونشير هنا الى ان كامليا من مواليد 1986 في جاكرتا وهي كاتبة ومخرجة قدمت اربعه افلام روائية ومنها ( المرأة لا تكذب ابدا ) و ( الرؤيا وعدم الروؤية ) و ( ياني ) ..
ويبقي ان نقول ..
فيلم ( سابقا الان ولاحقا ) تحفة اندونيسية من توقيع كامليا انديني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى