ثقافة

فيلم أر. إم. إن .. العنصرية تتفجر في رومانيا!

By Kiosque24

May 23, 2022

كان – عبد الستار ناجي

يعتبر المخرج الروماني كرستيان منجيو أحد أبرز الرهانات السينمائية الرومانية والأوروبية بالذات بعد تألقه في تقديم فيلم اربع اشهر وثلاثة اسابيع ويومين الذي نال عنه السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي الدولي العام 2017 ليحقق قفزة كبرى عبر لغته السينمائية والاحترافية العالية التي تعامل بها مع موضوع يتناول بالنقد العميق لمرحلة الرئيس الروماني الاسبق اندريه تشوتسكو .

واليوم حينما يعود كرستيان منجيو الى كان فإنه يقدم لنا تجربة سينمائية لا تقل أهمية ومكانة عن جملة تجاربه السابقة ومنها – حكايات العصر الذهبي – و – جاف التلال – و – التخرج من البكالوريا – .

فيلمه الجديد يحمل عنوان – أر . أم . أن – وهو اختصار لمصطلح – الاشعة السينية للدماغ – حيث يقدم لنا منجيو فيلم محكم الصنعة متماسك كما تكشف لنا الاشعة السينية فانها يعمل على التركيز على الحالة الراهنة لرومانيا ولا يتردد في الكشف عن عناصر الخلل في التحول الاجتماعي والنقد الصريح للعنصرية الواضحة تاره اتجاه الغجر واخري اتجاه العماله الاجنبية القادمة من اسيا على وجه الخصوص التى يرفضها المجتمع الروماني كما يرفض العرب والمسلمين وكل الملونيين .

“Cinema has this power to bring people together. Tonight in particular, it shows that our world could be wonderful, if it were at peace.” Cristian MUNGIU’s address to the audience (and his wink to Tilda SWINTON 😉) after the screening of R.M.N.#Cannes2022 #RangI #Competition pic.twitter.com/mgokj714CD

— Festival de Cannes (@Festival_Cannes) May 22, 2022

تجري الاحداث فبيل ايام قليلة من اعياد الميلاد حيث يفترض ان تتجمع وتتوحد الاسرة الرومانية او الاوروبية بشكل عام . حيث نتابع حكاية ماثيو الروماني الذي يفقد عمله في احدي مذابح الاغنام في المانيا حينما يصفة احد زملاءه في العمل ب – الغجري – مما يضطره الى ضربة والهروب عائدا الى احدي مدن رومانيا بعيد عن العاصمة بوخارسيت . وهي مدينة ترانسلفينان المليئة بعدد الطوائف والاديان . في البداية يواجه حادثة غريبة تعرض لها ابنه الصغير خلال توجهه لمدرسته جعلته عاجز عن النطق والخوف من العودة الى ذات الطريق الذى يسير به يوميا ويحاول ماثيو مرافقة طفله يوميا للعودة التدريجية للمدرسة . كل ذلك على خلفية توتر العلاقة من زوجته ومحاولته لعودة العلاقة مع حبيبته السابقة والتى انفصلت عن زوجها وهذة الاخيرة تدير احد المخابز الالكترونية التى تامن الخبر للمنطقة والتى تضطر امام الحاجة للعمالة ان تستعين بعمالة قادمة من سيرلانكا امام الكلفة المرتفعة للايادي العاملة الرومانية او تلك القادمة من اوروبا .

📸 C’est dans la boîte ! – It’s a wrap ! #Photocall R.M.N. by Cristian MUNGIU #Cannes2022 #Competition pic.twitter.com/JthVc4wY7N

— Festival de Cannes (@Festival_Cannes) May 22, 2022

ولكن القرية تشتعل عضبا عنصريا رافضه العمالة التى جاءت من سيرلانكا بحجج واهية تاره بالاتهام بانهم مسلمون وبعد الاكتشاف بانهم مسيحون تاتى الاتهامات بانهم ليسوا من اوروبا وايضا الاتهام الكاذب بانهم لا يتمتعون بالنظافة وغيرها من التهامات التى تظل تحاصر العماله في كل مكان عبر طرح عنصري شوفني اعمي لا يري التغيير والمنطق والتطور الحقيقي واحتياجات كل بلد من اجل النهوض .

✨ Retour sur la montée des Marches de R.M.N. de Cristian MUNGIU hier soir

✨ Back to the Red Carpet of R.M.N. by Cristian MUNGIU last night#Cannes2022 #Competition #RedSteps pic.twitter.com/nNsiZdYsHd

— Festival de Cannes (@Festival_Cannes) May 22, 2022

تتداخل الاحداث طفل فقد النطق لا نعرف حيثيات الحادثة فهل تعرض للتحرش او شاهد دبا وهو يقطع الغابة الى مدرسة ورجل بلا عمل وقسيس يحاول ان يسترضى سكان القرية على حساب القيم الدينية والانسانية الكبري وشابة تحاول ان تساعد بلاده من خلال المصنع الذي تديره والمجهز تقنيا وبموصفات صحية وانتاجية عالية الجودة .حتى ياتى المشهد الاكثر اهمية والمدهش الثري حيث يلتقي ابناء القرية بجميع اطيافهم عبر مشهد ثابت لاكثر من ربع ساعة وحوار يبدا منذ اللحظة الاولي وهو يعزف على اوتار العنصرية البحته التى تغرق بها رومانيا والكثير من دول العالم ضد كل ما هو اجنبي وملون ومختلف .

مشهد سينمائي يعرفنا عن حالة الاقتدار العالي المستوى الذى يتمتع به هذا المبدع الروماني الرصين كرستيان منجيو الذى قام ايضا بكتابة السيناريو والحوار من خلال لغة تحمل التصادم والمواجهة والكشف الصريح للذات المتطرفة والتى لا ترضي بالحوار او التفاهم .

✨ Now for the red carpet !
R.M.N. by Cristian MUNGIU #Cannes2022 #Competition #RedSteps #OfficialSelection https://t.co/j9pUlQhpNV

— Festival de Cannes (@Festival_Cannes) May 21, 2022

سينما كرستيان منجيو سينما تذخنا الى التحليل الصادم والدخول في التباسات يظل محورها الاساس تسليط الضوء على القضية المحورية . ففي عالم العنصرية ستسكت الاجيال ولن تستطيع المضي الى المستقبل وستكون هناك عزله بين الاجيال والطوائف وقبل كل هذا وذلك لن تكون البلد قادرة على المضي قدما وتلبية احتياجات عبر الاستعانه بالعمالة المتخصصة من انحاء العالم .

وفي المشهد يبلغ ماتيو عن انتحار والده وفي مشهد يعمل على كشف الكثير من الغموض ومن بينها ان مشاهدة ابنه وهو في الطريق الى المدرسة حلما عن رجل منتحر وكانه يري المستقبل وحينما يحاول ماثيو للحماية ابنه يكتشف بانه الغابة مليئة بالدببة التى تمثل التوحش الذي يحيط به وبالتالي بلاده ومستقبله وعلاقاته الانسانية والاجتماعية .

قدم شخصية ماثيو – مارين جريجور – باداء عال ومفهم كبير للشخصية والاشكاليات التى تعانى منها والظروف التى تحيط به ومن بينها العنصرية المكتومة والعلاقة المزدوجة بين زوجته وحبيبته وايضا غضب اهل القرية وعنصريتهم الصريحة .

مدير التصوير تيدور فلاديميير باندرو واحد من الرهانات الايجابية للفيلم عبر الحلول البصرية التى قدمها بالذات في مشهد الاجتماع الذى انتقل من الكنسية الى المركز الثقافي وكان المؤسسة الدينية والسياسية والاجتماعية بكاملها متطرفة عنصرية رافضة للاخر حتى الغجر من ابناء البلد الروماني .

كرستيان منجيو يدق ناقوسا كبيرا .. احذروا العنصرية لانها انتحار للاجيال وصمت للجيل المستقبل ودمار سياسي واجتماعي شامل

هكذا تكون السينما حينما تذهب الى الحقيقة