تعرف على السياحة في أوزبكستان

لعشاق السفر عبر التاريخ.. ننقلكم إلى وجهة مميزة، أوزبكستان أكبر دول وسط آسيا وإحدى الجمهوريات السوفياتية السابقة، عاصمتها طشقند وأهم مدنها سمرقند وبخارى.

الدولة الآسيوية موطن الشيوخ والعلماء عبر التاريخ تمتد على طريق الحرير الشهيرة وتقع بين نهري آمو داريا وسيرداريا، تحدها شرقا قرغيزيا وطاجيكستان وشمالا كازاخستان وغربا تركمنستان وكازاخستان وجنوبا طاجيكستان وأفغانستان.

أوزبكستان التي تناحرت جيوش الأرض عليها منذ ما يزيد عن آلاف السنين، تعتبر مهد الحضارات وثقافاتها و ومسقط رأس الإمام البخاري، واشتهرت كموطن للعلماء والشيوخ كعالم الجبر الخوارزمي وأبو الريحان البيروني المعروف بمقولته:” إن الأرض تدور حول محورها” و أحمد بن شعيب النسائي أحد أئمة الحديث النبوي الشريف وصاحب سنن النسائي الصغرى والكبرى. إضافة إلى عالم الدين والتفسير واللغة والآداب الزمخشري وأبو عيسى محمد الترمذي صاحب كتاب الجامع المعروف بسنن الترمذي.

البلاد لا تزال تحتفظ بمعالم إسلامية مميزة و تنقلك مدنها الشهيرة بخارى وسمرقند إلى عالم آخر تحس وكأنك في فيلم تاريخي وتمر عبر طريق الحرير المعبد بالقصص التاريخية.

مدن أوزبكستان تحكي لعشاق السفر عبر التاريخ والثقافات والحضارات حكايات وقصص لشعوب مختلفة مرت منها لتترك بصمتها وأسرارها التاريخية التي لا تنتهي.

تتميز مدن أوزبكستان بالأضرحة والمدارس العلمية العتيقة والمساجد.

بخارى

خامس مدن أوزبكستان سكانا، بخارى تمتاز بأضرحة شيوخ الطريقة النقشبندية المدفونيين بها، فهي موطن ابن سينا، الذي درست كتبه في أشهر الجامعات في القارة الأوربية وكذلك في أغلب دول العالم.

لا يمكن أن تمر من هذه المدينة دون أن تقوم بزيارة لقصر آرك أو السفينة الذي يعتبر من أقدم المعالم التاريخية التي تضمها المدينة، شيد في القرن الثالث قبل الميلاد، وكان يستخدم كمقر حكم من قبل الدول المتعاقبة.

تضم كذلك ضريح إسماعيل الساماني الذي بني في القرن العاشر الميلادي، وهو أقدم بناء مشيد بالطوب المحروق، وهي طريقة معتمدة بكثرة في آسيا الوسطى.

وضريح أبو حفص أحمد بن حفص الكبير البخاري أبرز علماء الأحناف بمنطقة خراسان ويعتبر الأب الروحي لبخارى.

أما روح مدينة بخارى، فهو ضريح محمد بهاء الدين النقشبندي الحسيني الأويسي البخاري أو كما يطلق عليه بـشاه نقشبند مؤسس الطريقة النقشبندية.

النقشبندي يعتبر من كبار علماء الصوفية، توفي سنة 791هجرية.
وتشتهر مدينة بخارى كذلك بمعهد أمير عرب ،وهي أبرز المدارس في البلاد لتدريس العلوم الشرعية والديانة الإسلامية بلغات أجنبية فإضافة للغة الأوزبكية يدرس الطلبة باللغبة العربية والانجليزية والروسية.

المعهد داخلي يدرس فيه الطلبة الذين يرتدون لباسا موحدا وطقية مطرزة لمدة أربع سنوات.

الطلبة الذين يدرسون في المدرسة هم خليط من أوزبكستان ومن العالم أيضا، يحصلون عند انتهاء مدة الدارسة على شهادة الباكالوريوس التي تمكنهم فيما بعد من الالتحاق بالجامعة الإسلامية بالعاصمة طشقند.

أطلق اسم المدرسة على مؤسسها الأمير سعيد بن عبد الله اليمني، الملقب بمير عرب أو أمير عرب وتضم 160 حجرة للتدريس، تقع أمام مسجد كاليان وهي واحدة من مواقع التراث العالمي منذ العام 1993.

قرب المدرسة الشهيرة توجد مأذنة كاليان أو ما يطلق عليها المأذنة الكبيرة وهي من أشهر معالم بخارى إذ تعتبر أكثر الأبنية التاريخية ارتفاعا في آسيا الوسطى.

سمرقند

من بخارى ننتقل إلى سمرقند الساحرة، المدينة التي جاب فيها غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام المعروف بعمر الخيام ونظم دواوينه، وهنا عقد علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا مجالسه، وفيها أيضا فكر أبو الريحان البيروني، أما أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي فحلل خوارزمياته، وناقش أبو بكر القفال الشاشي نظريات الأصول، وقعد أبو منصور الماتريدي علم الكلام…وتفنن في نسج البلاغة العربية أبو القاسم الزمخشري.

في هذه المدينة يوجد ضريح الصحابي قثم بن العباس بن عبد المطلب ابن عم الرسول عليه الصلاة والسلام.

قثم بن العباس بن عبد المطلب ابن لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن الهلالية، شهد فتح المدينة و تولى نيابتها في أيام علي، كانت والدته أول امرأة أسلمت في مكة المكرمة عقب خديجة رضي الله عنها.

يتميز الضريح بدرج طويل تم تشيده عن طريق سكان سمرقند عقب بناء الضريح وجعلوه عاليا، كتعبير عن عقوبة يطبقوها على أنفسهم بالصعود والنزول عقابا لأنفسهم في جريرة اغتيال ابن عم الرسول يوم الفتح.

قصور شيدها الملوك المتعاقبون تبركا بابن عم الرسول، ستشدك أشكالها وبناياتها وألوانها.

ضريج عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الشهير باسم الإمام البخاري ولد في بخارى ولفظ أنفاسه الأخيرة في سمرقند ودفن بها.

الإمام البخاري يعتبر أول من كتب في تاريخ الرجال، وهو صاحب الجامع الصحيح للحديث النبوي الشريف الذي يعتبر أصح كتاب عقب القرآن الكريم.

الإمام البخاري اتهم بالاعتزال، فظل في محنته، الى أن توفي بقرية خارج سمرقند، وفيها ضريحه الشهير الذي يتوافد عليه السياح من جميع أرجاء العالم.

ضريح آخر يحمل اسم ابو منصور الماتدريدي الذي يعتبر من علماء أهل السنة وأبرز الشخصيات الدينية التي ساهمت في شرح عقيدة أهل السنة والجماعة، وينتمي حاليا أكثر من خمسين بالمئة من سكان العالم إلى المدرسة الماتريدية التي يتبعها أتباع المذهب الحنفي خاصة في مصر وتركيا وبلاد الشام وبلاد خرسان وماليزيا والهند.

أما أجمل ساحة رئيسية في سمرقند فهي ريجستان التي تعني ساحة الرمل باللغة التركية

ريجستان تضم ثلاث مدارس إسلامية معروفة، وهي مدرسة ألوغ بيك، ومدرسة شيردار، ومدرسة تيلاكاري حيث تم تدريس العلوم النفسية والطب إضافة إلى الشريعة الإسلامية.

المدارس شيدها ألوغ بيك حفيد تيمور لنك في العام 823 هـجرية.وتحتفظ حتى الآن بمخطوطات في مجالات الرياضيات والفلسفة والطب والفلك والفقه والتصوف.

طشقند

نهاية الرحلة السياحية في أوزبكستان تقودونا إلى العاصمة طشقند وتعني طش الحجر وقند تعني مدينة.

طشقند أكبر مدن أوزبكستان وأهم المدن في شرق آسيا إذ كانت أبرز محطة تاريخية على طريق الحري، تبعد عشرات الكيلومترات عن كازاخستان.

العاصمة تأثرت بحضارتي السغديانية والتركية قبل أن تصل الديانة الإسلامية، بعدما فتحها المسلمون في القرن الثامن ميلادي، لكن سرعان ما دمرها جنكيز خان في العام 1219 واستولى عليها تيمور الشهير بتيمورلنك في العام 1361 ميلادية وأعاد بنائها.

استولى الروس الإمبراطوريون في العهد السوفياتي على العاصمة طشقند في العام 1865 ونقلوا إليها من جميع المناطق السوفياتية أعدادا هائلة من السكان، ما ساهم في تغيير تركيبتها الثقافية والدينية.

مكتبة الإدارة الدينية هاست إمام

أوزباكستان تحتفظ حتى يومنا هذا بثروة غنية من التاريخ تتمثل في مخطوطات إسلامية و دينة وخاصة في مكتبة الإدارة الدينية هاست إمام في العاصمة طشقند.

من أبرز كتب مكتبة هاست كتب الفارابي وابن سينا والبيروني وابن البيطار ومقامات الحريري ورسائل أبي حامد الغزالي وشمس الأئمة السرخسي وأبو المعين النسفي وبرهان الدين الميرغيناني وعلاء الدين السمرقندي.

أهم ما تضمه مكتبة هاست إمام وتفتخر به هو مصحف الخليفة الثالث عثمان بن عفان الشخصي، مخضبا بدماءه، وهو المصحف الذي كان بين يديه يوم قتله.

نقل المصحف الأقدم على وجه الأرض بعدها إلى العاصمة العراقية بغداد على يد العباسيين، قبل أن يعيده المغولي تيمورلنك إلى سمرقند بعدما احتل بغداد.