ثقافة

فيلم وداعا جوليا.. السودان ستظل ساحة حرب مشتعلة!

كان – عبد الستار ناجي

تمت كتابة وانجاز فيلم – وداعا جوليا – للمخرج محمد كوردفاني قبيل اشهر ولربما سنوات من اندلاع الحرب الاخيرة في السودان .ولكنه جاء محملا بالاشارت والدلالات الواضحة والصريحة بان السودان سيظل ساحة حرب وبركان قابل للانفجار في اي لحظة وكل لحظة .
حكاية تبدو للوهلة الاولي مشاهدة من ذي قبل بالذات تاثيرات فيلم – 21 غرام – للمكسيكي اليخاندرو جونزاليس انرييتووسيناريو جويليرموارياجا والفيلم من انتاج عام 2003 وبطولة شون بن ونعومي واتس وبينيشيو دل تورو .وان كان شون بين قد قتل صدفة فاننا امام حماية ( مني ) التى صدمت طفل ليلحق بها والده بدراجته وليقي حتفه علي يد زوج مني ( اكرم ) ولتبدا مهمة مني في البحث عن اهل القتيل الذى ذهب ضحية سكوتها عن فعلتها وحينما تتعرف على زوجة القتيل ( جوليا ) تعمل على مساعدتها ومنحها الفرصة للعمل عندها ومنحها السكن هي وطفلها الصغير ولتتطور العلاقة عبر تقديم كل الدعم بل والعمل على مساعدتها لان يتعلم ابنها وان تستكمل جوليا دراسته ..
كل ذلك على خلفية احداث عسكرية وتظاهرات ومواجهات لعل اقلها الصراع بين التيارات الدينية الاسلامية والمسيحية التى كانت لاحقا ذريعة للانفصال والتى لا تزال اثارها عميقة وتمتد جذروها في عمق المتجمع ..
نص عميق وشخصيات مدروسة ومكتوبة بعناية تمتلك مقوماتها وابعادها والحثيثات التى تنطلق منها وتحركها حتى رغم التاثر في النص الخاص بفيلم – 21 – غرام الا ان اهمية هذا العمل هويته وعمقه في الكتابة والاخراج والاداء .. والتنامي الدرامي الذى يظل هادئا عميقا الشخصيات به تمتلك ابعادها والاهداف التى تحركها لذا ورغم العشق والانتماء للشمال ( السودان ) تقرر جوليا الذهاب الى ( الجنوب ) حيث الهوية والاصول وهكذا الامر بالنسبة الى ( مني ) التى تقرران تعود لحياتها حيث تعشق الغناء بعيدا على زوجها الشكوك والذي يملك فكرا يبدو بعيدا عنه حيث عنصريته التى تميز بين ابناء الارض الواحدة .
في فيلم – وداعا جوليا – هوية وشخصية وصورة بصرية لا تحمل تاثيرات السينما المصرية التى تكاد تهمين على النسبة الاكبر من الافلام السودانية والعربية . ومن هنا تاتي اهمية هذة التجربة بكتابتها وتكوين المشاهد حيث خلف الكاميرا مدير التصوير بيير دو فيلير التى شكل تكوينات جمالية عالية منحت التجربة بعدا اضافيا وجماليا .
شخصيات – وداعا جوليا – جسدها سيرين رياق ( جوليا ) وايمان يوسف ( مني ) ونزار جمعة ( اكرم ) وجير دونايي ( اجير ) .عبر اداء هادئ بعيدا عن المبالغة التقليدية التى الفناها في السينما العربية . شخوص تمثل شرائح المتجمع السوداني وتؤكد باننا امام عينات مختارة هي نبض مجتمعها المشبع بالالم نتيجة الخلافات والفوارق والصراع السلطوي وسطوة العسكر والتيارات والاحزاب السياسية والتاثيرات الاجتماعية والدينية والانسانية ..
فيلم – وداعا جوليا – يصرخ الحرب ستظل قائمة طالما غاب التسامح وغاب الغفران وغاب التفكير بمستقبل الاجيال والابناء والبلاد ..
ويبقي ان نقول ..
برافو لمحمد كوردفاني .. الذى يمثل رهاننا مستقبليا للسينما في بلاده والعالم العربي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى