ثقافة

لعبة الحبار على نتفليكس… الظاهرة التي اجتاحت العالم


لعبة الحبار، المسلسل الكوري الجنوبي الذي صدر على منصة “نتفليكس” في سبتمبر 2021، أصبح واحدًا من أبرز الظواهر الثقافية في العالم.

وأعلنت منصة “نتفليكس” أن الموسم الثاني من المسلسل الكوري الجنوبي “لعبة الحبار” حافظ على هيمنته في قائمة أفضل 10 مسلسلات تلفزيونية بلغة غير الإنجليزية للأسبوع الثاني.

وفي غضون 11 يوما فقط منذ إطلاقه في 26 من شهر ديسمبر من عام 2024، حقق المسلسل رقما قياسيا بلغ 126.2 مليون مشاهدة في جميع أنحاء المعمورة، ما يجعله أحد أكثر الأعمال مشاهدة في تاريخ منصة نتفليكس.

كما صعد مسلسل لعبة الحبار إلى المركز الثاني في قائمة نتفليكس لأكثر البرامج التلفزيونية غير الإنجليزية شهرة على الإطلاق.

كما أن شعبيته للموسم الثاني فتح الاهتمام بالموسم الأول، الذي ارتفع إلى المرتبة الثانية على قائمة البرامج التلفزيونية غير الإنجليزية، إذ اجتذب 13.6 مليون مشاهدة خلال الأسبوع الماضي.

واحتل الموسمان الأول والثاني المرتبة الأولى والثانية على التوالي، على قائمة نتفليكس لأكثر البرامج غير الإنجليزية شهرة على الإطلاق.

على الرغم من أن العمل يعتبر خيالًا علميًا مع لمسات من الدراما النفسية، إلا أن له تأثيرًا عميقًا في مجالات متعددة، بدءًا من الفكر الاجتماعي والسياسي وصولًا إلى ثقافة البوب. هذا المسلسل، الذي يروي قصة مجموعة من الأشخاص الذين يشاركون في ألعاب الموت للفوز بجائزة مالية ضخمة، جذب الملايين من المشاهدين حول العالم.

نبذة عن القصة

لعبة الحبار هي دراما كورية من إنتاج هوانغ دونغ هيوك، ويمثل فيها مجموعة من المشاركين الذين يمرون بتجربة مميتة من أجل الفوز بجائزة مالية ضخمة. تبدأ القصة مع جي هون، وهو شخص مدين يعاني من حياتة المضطربة، الذي يُدعى للمشاركة في مسابقة مكونة من مجموعة من الألعاب المستوحاة من ألعاب الأطفال التقليدية في كوريا. إلا أن هذه الألعاب ليست مجرد مسابقة عادية؛ بل هي ألعاب مرعبة ومميتة، حيث الخاسر في كل لعبة يلقى حتفه.

الألعاب التي يُشارك فيها المتسابقون تشكل تحديات نفسية وجسدية، مثل لعبة “الورقة والمقص” أو “اختراق الجدار” أو “سباق الزجاج”، وكلها تمثل تهديدًا كبيرًا على حياتهم. تزداد التوترات بين المشاركين مع تقدم اللعبة، ليكتشفوا في النهاية أن الموت ليس مجرد احتمال بل هو النتيجة الحتمية للفشل.

العناصر المميزة في المسلسل

  1. العنف والواقع المرير: تركز لعبة الحبار على العنف بشكل مفرط، ولكن بطريقة رمزية تسلط الضوء على واقع الظلم الاجتماعي والاقتصادي الذي يعاني منه العديد من الأفراد. القتل في اللعبة ليس هدفًا بحد ذاته، بل هو وسيلة للكشف عن تجارب المشاركين وظروفهم الصعبة.
  2. التوتر النفسي والاجتماعي: يعرض المسلسل قضايا اجتماعية مثل الفقر، التفاوت الطبقي، وتأثير الديون على حياة الأفراد. الشخصيات في المسلسل تمثل طيفًا من طبقات المجتمع الكوري الجنوبي، وتعكس التحديات النفسية والاجتماعية التي يواجهها الناس في سعيهم للبقاء على قيد الحياة.
  3. الإسقاطات الرمزية: كل لعبة في المسلسل تتسم بمعنى رمزي. فالألعاب التي تبدو للوهلة الأولى مجرد تحديات بدنية تشكك في معايير الحياة البشرية والإنسانية. الفكرة أن المشاركة في هذه الألعاب تؤدي إلى عواقب كارثية على المشاركين، سواء من حيث العواقب الجسدية أو النفسية.

تأثير “لعبة الحبار” الثقافي

انتشار الظاهرة عالميًا
حقق مسلسل لعبة الحبار نجاحًا غير مسبوق، مما جعله واحدًا من أكثر المسلسلات مشاهدة على منصة “نتفليكس”. جذب المسلسل جمهورًا عالميًا بفضل تصاعد حبكته وتشويق شخصياته، بالإضافة إلى الرسائل العميقة التي يعكسها عن الجوانب المظلمة في المجتمع الحديث. لم يكن النجاح محصورًا في كوريا الجنوبية فقط، بل تخطى حدودها ليصل إلى ثقافات مختلفة، بدءًا من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا، بل وحتى العالم العربي.

الحديث عن القضايا الاجتماعية
من خلال مشهدها الجريء، فتح “لعبة الحبار” باب النقاش حول التفاوت الطبقي والفقر وتأثيراتها على الأفراد في مختلف أنحاء العالم. القضايا التي يعكسها المسلسل من خلال الألعاب، مثل الفقر المدقع، الديون، والظلم الاجتماعي، أصبحت موضوعًا رئيسيًا في النقاشات الاجتماعية بعد عرضه. المسلسل يقدم صورة مريرة للمجتمع الحديث الذي يواجه فيه الكثيرون التحديات الحياتية، مع تسليط الضوء على تأثير المال والنفوذ على الناس.

التأثير على الثقافة الشعبية


أثرت لعبة الحبار على العديد من مجالات الثقافة الشعبية. من خلال الأزياء التي ارتدها الممثلون، مثل الزي الأحمر الذي يرتديه الحراس، بدأت تظهر في شوارع المدن كمظاهر رمزية. كما أصبح استخدام شعار “لعبة الحبار” و”الألعاب المميتة” في وسائل التواصل الاجتماعي والميمات من الظواهر التي اجتاحت الإنترنت. أصبح بعض المشاهدين يقلدون الألعاب التي ظهرت في المسلسل، في إشارة إلى الطريقة التي أثر بها المسلسل على سلوكيات وثقافة الجمهور.

الأبعاد الفلسفية والنقد الاجتماعي في لعبة الحبار

الفلسفة وراء المسلسل
قد يظن البعض أن لعبة الحبار مجرد عرض مسلٍ عن الألعاب المميتة، لكنه يتضمن العديد من الأسئلة الفلسفية الهامة حول ما يعنيه أن تكون إنسانًا في عالم قاسي. يعتبر المسلسل نقدًا حادًا للرأسمالية المتوحشة، والتي تجبر الناس على القتال من أجل المال من أجل البقاء على قيد الحياة. في “لعبة الحبار”، تصبح الحياة نفسها لعبة يمكن أن تفوز بها فقط إذا كنت مستعدًا لقتل الآخرين أو التضحية بأخلاقياتك.

النقد الاجتماعي
“لعبة الحبار” هي دراسة في الأخلاق البشرية عندما يتم وضع الناس في ظروف أقرب إلى الحياة والموت. يبرز المسلسل كيف تؤثر الضغوط الاجتماعية والاقتصادية على الأفراد، خاصةً في المجتمعات التي لا تعطي فرصة للفقراء أو المحرومين للنجاة دون تكاليف باهظة. في المسلسل، يتعين على المشاركين اختيار ما إذا كانوا سيظلون محافظين على إنسانيتهم أو يقررون خيانة الآخرين في سبيل البقاء على قيد الحياة.

الاستقبال النقدي والجوائز

تمت مديح “لعبة الحبار” من قبل النقاد والجماهير على حد سواء. تم الإشادة بالقصة المبتكرة، التصوير السينمائي، والأداء المتميز من قبل الممثلين، الذين قدموا شخصيات معقدة وعميقة عكست التوترات النفسية والاجتماعية التي يعانون منها. كما فاز المسلسل بعدد من الجوائز، بما في ذلك الجوائز في مهرجان “Emmy” و”Golden Globe”، مما يعكس مكانته البارزة في عالم الإنتاج التلفزيوني.

لعبة الحبار ليست مجرد مسلسل، بل هي مرآة تعكس التحديات المجتمعية والأخلاقية التي تواجه الإنسان في العصر الحديث. يقدم المسلسل تجربة مشوقة وتفاعلية للجمهور، ويطرح أسئلة عميقة حول الحياة والموت، والمال، والمجتمع. يمكن اعتبار لعبة الحبار نقطة انطلاق لنقاشات أكبر حول النظام الاجتماعي والاقتصادي الذي نعيش فيه، مما يجعلها أكثر من مجرد منتج ثقافي بل ظاهرة ثقافية تجذب الانتباه في كل زاوية من زوايا العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى