العالمصحة و جمال

هل يمكن أن يكون الزهايمر معديًا؟ حقيقة علمية أم خرافة؟


مرض الزهايمر يُعد من أكثر الأمراض التي تُثير الرعب لدى الأفراد، فهو يهاجم الذاكرة والقدرة على التفكير تدريجيًا، مما يُفقد الشخص قدرته على ممارسة حياته الطبيعية. يُعتبر الزهايمر مرضًا معقدًا ناتجًا عن تراكم غير طبيعي للبروتينات في الدماغ، مثل بروتين “الأميلويد” و”التاو”، مما يؤدي إلى تدمير الخلايا العصبية وموتها بمرور الوقت. على الرغم من أن العلماء قد أحرزوا تقدمًا كبيرًا في فهم العوامل الوراثية والبيئية التي تُساهم في الإصابة بالزهايمر، إلا أن سؤالًا مُثيرًا للجدل بدأ يطرح نفسه في الأوساط العلمية مؤخرًا: هل يمكن أن يكون مرض الزهايمر معديًا؟

لفترة طويلة، اعتُبر الزهايمر مرضًا غير معدٍ تمامًا، مرتبطًا فقط بعوامل مثل التقدم في العمر، الجينات، ونمط الحياة. ومع ذلك، ظهرت بعض الدراسات الحديثة التي أثارت نقاشًا حول إمكانية وجود حالات نادرة أو سيناريوهات خاصة قد يُنتقل فيها المرض من شخص إلى آخر، وإن كان ذلك لا يحدث بالطريقة التي تنتقل بها الأمراض المعدية مثل الأنفلونزا أو السل.

1. ما الذي يُسبب مرض الزهايمر؟

لفهم فكرة انتقال الزهايمر، علينا أولاً أن نعرف كيف يحدث المرض:

  • يُعتقد أن تراكم بروتينات الأميلويد والتاو في الدماغ هو السبب الرئيسي لمرض الزهايمر.
  • هذه التراكمات تؤدي إلى تكوين “لويحات” و”تشابكات” عصبية تؤثر على الخلايا العصبية وتُدمرها.
  • المرض لا ينتقل عبر الفيروسات أو البكتيريا، بل هو نتيجة تفاعل عوامل متعددة مثل الجينات، الشيخوخة، وبعض الأمراض المزمنة.

2. السيناريوهات التي تثير الجدل حول “عدوى” الزهايمر

رغم أن الزهايمر ليس معديًا بالطريقة التقليدية، إلا أن هناك سيناريوهات أثارت الشكوك حول إمكانية انتقال المرض:

أ. الزهايمر عبر الجراحة أو العمليات الطبية

  • بعض الدراسات أشارت إلى أن الأشخاص الذين تعرضوا لإجراءات طبية تشمل أنسجة دماغية مصابة، مثل جراحات المخ أو زرع الغدد النخامية من متبرعين مرضى، قد يكونون أكثر عرضة لتكوين تراكمات بروتين الأميلويد.
  • ومع ذلك، فإن هذا السيناريو نادر للغاية ولا يعني أن المرض يمكن أن ينتقل مثل العدوى.

ب. العدوى “البروتينية”

  • هناك نظرية تُشير إلى أن بروتينات الأميلويد والتاو قد تكون معدية على المستوى المجهري، حيث يمكن أن تنتقل بين الخلايا العصبية وتُسبب أضرارًا مشابهة لتلك الموجودة في الزهايمر.
  • هذه الفكرة مستوحاة من أمراض “البريون” مثل مرض كروتزفيلد جاكوب، لكنها لم تُثبت بشكل قاطع في حالات الزهايمر.

ج. تأثير الميكروبيوم

  • بعض الأبحاث الحديثة ربطت بين وجود التهابات مزمنة في الجسم (مثل التهابات اللثة) وزيادة خطر الإصابة بالزهايمر.
  • هذا يفتح النقاش حول ما إذا كانت بعض أنواع البكتيريا أو الالتهابات المزمنة يمكن أن تُساهم في تحفيز المرض، لكنها لا تجعل المرض معديًا بشكل مباشر.

3. الأدلة العلمية: ماذا تقول الدراسات؟

  • دراسة نشرت في مجلة “نيتشر” في عام 2015 أشارت إلى أن بروتين الأميلويد قد يكون قادرًا على الانتقال من شخص لآخر في حالات طبية خاصة جدًا، مثل عمليات زرع الأنسجة.
  • ومع ذلك، أكدت الدراسة أن هذا لا يعني أن المرض يمكن أن يُنتقل بين الأشخاص في الحياة اليومية، مثل المصافحة أو العيش مع مريض الزهايمر.
  • الجمعيات الطبية العالمية، مثل جمعية الزهايمر الدولية، أكدت أن المرض غير معدٍ ولا ينتقل بين الأفراد تحت أي ظروف طبيعية.

4. أهمية الاكتشافات العلمية الحديثة

الحديث عن احتمالية “عدوى” الزهايمر لا يعني إثارة الذعر، بل يفتح الأبواب لفهم أعمق لكيفية تطور المرض:

  • إذا ثبت أن بروتينات الأميلويد يمكن أن تنتقل في ظروف معينة، فقد يُساعد ذلك العلماء على تطوير علاجات توقف تكوين هذه البروتينات مبكرًا.
  • البحث في دور الالتهابات المزمنة قد يُساهم في الوقاية من الزهايمر من خلال علاج الالتهابات بفعالية أكبر.

5. الوقاية من الزهايمر: التركيز على العوامل القابلة للتعديل

بدلاً من القلق بشأن العدوى، يمكننا التركيز على تقليل خطر الإصابة بالزهايمر من خلال:

  • اتباع نظام غذائي صحي: تناول أطعمة غنية بمضادات الأكسدة وأحماض أوميغا-3.
  • ممارسة الرياضة: التمارين تُحسن تدفق الدم إلى الدماغ وتُقلل من خطر الإصابة.
  • إدارة الأمراض المزمنة: مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
  • الابتعاد عن التدخين والكحول: لتقليل الالتهابات في الجسم.
  • النشاط العقلي والاجتماعي: المشاركة في أنشطة تحفز الدماغ مثل القراءة وحل الألغاز.

رغم الجدل الذي أثارته بعض الدراسات، يبقى مرض الزهايمر غير معدٍ بالمعنى التقليدي. تُشير الأبحاث إلى أن بعض الظروف النادرة قد تُسهم في نقل بروتينات مرتبطة بالمرض، لكنها لا تعني انتقال الزهايمر كعدوى فيروسية أو بكتيرية. الأهم من ذلك هو التركيز على الوقاية من خلال تبني نمط حياة صحي ومتابعة الأبحاث العلمية التي قد تُحدث ثورة في فهم هذا المرض وعلاجه. لأن الوعي هو الخطوة الأولى نحو صحة أفضل!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى