العالم

إمام مسجد يشجع على تلقيح الأطفال في دولة مزقتها الحرب

لقد كان يوما حافلاً بالنسبة للدكتور نبيل عبده عمر علي الذي ظل يعمل حتى آخر النهار. يقول إن الطقس في مدينة عدن كان رائعًا، لكن “في غضون شهر سترتفع الحرارة والرطوبة إلى حدٍ لا يطاق”.

يبدأ الدكتور نبيل يومه منذ الصباح متنقلاً من منزل إلى آخر في حي مدينة إنماء الذي يقطنه ابناء الطبقة المتوسطة في عدن، وهناك يلتقي بالآباء وأولياء الأمور لتثقيفهم حول تطعيم أطفالهم ضد شلل الأطفال. يُعرف الدكتور نبيل بين زملائه بـ “الخطيب المتنقل”، وقد أخبره فريق التطعيم بوجود حالات ترفض تلقي اللقاحات في هذا الحي، لكن لديه فكرة لمعالجة هذا الأمر.  سوف يقوم بتطعيم أحفاده أمام الناس حتى لا يساورهم شك في سلامة اللقاح.

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور نبيل وهو يشير بإصبعه نحو أحد الأطفال بعد أن أعطاه اللقاح الفموي المضاد لشلل الأطفال: “عندما أقوم بتطعيم أحفادي أمام أفراد المجتمع، فإن ذلك يساعد على بناء الثقة في سلامة اللقاح. وهذا الأمر يجعل الآباء يفكرون في أنه إذا كان الطبيب يقوم بتطعيم أطفاله، فلا بد أن يكون اللقاح آمنًا.”  

يعمل الدكتور نبيل كطبيب أطفال وهي مهنته الأساسية إلى جانب كونه خطيب معتمد من وزارة الأوقاف في جنوب اليمن، ويقوم بتثقيف الناس حول أهمية التطعيم مستعينًا بما لديه من معارف دينية وحقائق علمية، هذا إلى جانب تدريب خطباء المساجد حول فوائد التطعيم، ليتواصلوا بدورهم مع المجتمعات ويتحدثون عن فوائد التطعيم خلال خطبة الجمعة.

“في بعض الأحيان، لا تتوافر لدى خطباء المساجد معلومات جيدة حول اللقاحات فحسب، بل إنهم يتمسكون بآرائهم عند اكتساب معرفة جديدة. هذا هو السبب في أنني أستعين برأي الدين والمنطق العلمي لتغيير سلوكياتهم.”

الدكتور نبيل عبده عمر علي  

ويضيف “خطباء المساجد في مجتمعاتنا مؤثرون للغاية، وأعرف أن الناس يأخذون رسائلهم أثناء خطبة الجمعة على محمل الجد. تغيير المفاهيم الخاطئة حول اللقاحات في بعض المجتمعات لا يتطلب سوى الاستماع الى خطبة الجمعة.  إذا تم تثقيف خطباء المساجد بكل المعلومات عن اللقاحات، فهذا يساعد على تغيير سلوك المجتمعات وتقبلهم لأخذ اللقاحات.  لدى الخطيب القدرة على التأثير في زيادة الوعي وبناء القيم الاجتماعية والتأثير في المواقف والسلوكيات والممارسات”.  

لقد أدى النزاع الجاري في اليمن إلى تدمير البنية التحتية الصحية، وغالبًا ما يؤدي انقطاع التيار الكهربائي إلى إثارة الشك بين أفراد المجتمع وكذلك خطباء المساجد فيما يتعلق بسلامة اللقاح وهل يتم الحفاظ على اللقاحات مبردة في كافة مراحل سلسلة التبريد.  

ويردف نبيل قائلاً “ساورت الشكوك مجموعة من الخطباء حول سلامة اللقاح عندما كنت أدربهم، متسائلين هل تستمر سلسلة التبريد في العمل نظرًا لانقطاع التيار الكهربائي. وعلى إثره رتَبتُ لهم زيارة إلى إحدى منشآت سلسلة التبريد لمعرفة أن الطاقة الشمسية تستخدم لإمدادها بالطاقة.”

يعمل الدكتور نبيل في برنامج التحصين في اليمن منذ 12 عامًا ويشارك مع اليونيسف في حملات وقائية مختلفة وكذلك في أنشطة التحصين الروتيني. واثناء عمله كطبيب أطفال، وجد أن فيروس شلل الأطفال قد فتك بأرواح الأطفال وأصاب آخرين بالشلل، حينها قرر تكريس وقته لتثقيف أولياء الأمور والآباء حول الفوائد الصحية للتطعيم.

“طوال مسيرتي المهنية، واجهتُ أشخاصًا عارضوا بشدة فكرة التطعيم. تنتشر العديد من المفاهيم الخاطئة حول اللقاحات. فهناك من يعتقد أن اللقاح سيصيبهم بالعقم، أو أنه ينطوي على نوع من المؤامرة. ومع ذلك، فقد ساعدتني سنوات عملي في مجال التحصين على بناء الثقة مع المجتمعات.وفي أغلب الأحيان ينصت الناس لما أقوله”. 

الدكتور نبيل عبده عمر علي

كما أن لدى الدكتور نبيل خبرة مع وسائل الإعلام وغالبًا ما يسمعه الناس في الراديو أو يشاهدونه على التلفاز وهو في مداخلاته عن أهمية اللقاح في حماية الأطفال من الأمراض التي يمكن الوقاية منها. كما أنه يشارك في البرامج التلفزيونية والإذاعية للرد على أسئلة الجمهور مباشرة على الهواء.

“استخدمُ أسلوب متنوع لمعالجة قضية التردد على اخذ اللقاحات ونشر المعلومات الخاطئة عنها في آن واحد. في بعض الأحيان يكون من المفيد التحدث عن اللقاحات أثناء خطبة الجمعة، وفي بعض الأحيان يكون الأمر أكثر فعالية عند شرح أهمية اللقاحات أمام أحد المتصلين بالبرنامج الإذاعي”.

درس الدكتور نبيل الطب في الصين كما لو أنه عمل حرفيًا بالمثل القائل، “اطلبوا العلم ولو في الصين”. وهكذا يعمل بسعادة وهو ينتقل إلى المنزل التالي للتحدث مع أولياء الأمور لتطعيم أطفالهم.

اليونسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى