ثقافة

المرأة في الدراما الخليجية.. بلا هوية!

عبد الستار ناجي – الكويت

أكثر ما يحزن أن حضور المرأة في الدراما التلفزيونية الخليجية تأتي بلا هوية في النسبة الأكبر من الأعمال الدرامية الخليجية التي تطل علينا خلال الموسم الرمضاني الجديد. وهو بلا أدنى شك امتداد لتجارب طويلة من النتاجات التلفزيونية الخليجية . ومن قبلها العربية حيث ظل حضور المرأة العربية ولسنوات بل عقود طويلة من الزمان في السينما العربية بلا هوية الا من بعض الاشارات لهذة المهنة أو تلك دونما التعمق في حيثيات ودلالات تلك المهنة وأثرها على هوية وشخصية المرأة العربية .

ومن خلال أكثر من 20 عملا دراميا خليجيا توزعت بين الكويت الحصة الأكبر من الانتاج ودولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر ومملكة البحرين .. نجد حالة من الغياب الى هوية المرأة . التي تظل حاضرة بلا هوية عبر كم من الشخصيات التي تزدحم بها الشاشة الخليجية ولا نعرف دلالاتها ومضامينها ..

وعبر شخصيات تأتي في الغالب ملطخة بالأصباغ والألوان الفاقعة والأزياء المبالغ بها وانعكاسات عمليات التجميل التي راحت تضرب أطنابها لتغير ملامح الكثير من النجمات ومن كافة الأجيال . تبدو مهمة البحث عن الهوية الخاصة بالمرأة مهمة صعبة . حيث الشخصيات النسائية العاملة والتي تمتلك هويتها وبعدها العملي والوظيفي والانساني قليلة وتكاد تعد على أصابع اليد الواحدة .

فمن خلال تلك ال 20 عملا دراميا نشاهد مثلا الفنانة حياة الفهد في مسلسل” أم هارون” بدور الطبيبة أو بمعنى أدق ” الولادة ” التى يطلق عليها الجميع لقب ” أمي ” لأنها قامت بتوليده . بل اننا نراها تمارس مهمتها العملية في المستشفي وأيضا في البيوتات وهي تحمل حقبية الطبيب الخاصة في تلك المرحلة أو الحقبة الزمنية التي تمثلها .

الفنانة هدى حسين في مسلسل “شغف” تجسد دور فنانة تشكيلية ونشهدها وهي تتعامل مع اللوحات والألوان وغيرها من التفاصيل الخاصة بتلك الهواية والمهنة والحرفة عليها .. فيما تعمل الفنانة هيفاء عادل من خلال شخصية سلطانة في مسلسل ” محمد على رود” في الخدمة في المنازل مما يفتح أمامها الكثير من البيوتات والحكايات والأسرار لتمضي تلك الشخصية في مسارات متعددة عبر تلك المهنة ..

أما في بقية المسلسلات الخليجية أو الكويتية فنحن أمام كم من النساء التي تزدحم بهن الشاشة خلال شهر رمضان المبارك ولكن بلا ملامح أو أبعاد ..

في مسلسل “الكون في كفة”  نحن أمام أكثر من عشر شخصيات نسائية ولكن بلا هوية . شخصيات مشغولة في اللاشيء ..وهكذا الأمر مع مسلسل” كسرة ظهر” و في ذاكرة الظل هناك نساء بلا ملامح الا شخصية الأم التي تجسدها الفنانة عبير الجندي والتي تعمل خياطة .

هكذا تغييب للهوية يسأل عنه كتاب الدراما في المنطقة والذين يؤسسون شخصيات بلا تاريخ أو هوية أو أبعاد . شخصيات تاتي وتذهب دون أن توثر أو تحقق حضور لافت أو بصمة . وحينما أشرنا الى شخصية “أم هارون” التي تعمل طبيبة . نتساءل في الحين ذاته ماذا تعمل بقية الشخصيات النسائية الاخرى .وهكذا الأمر في ” محمد على رود” فنحن أمام كم من النساء .. إنها مجرد نساء لا هوية أو ملامح مشغولة بالبحث عن الحب المفقود أو المحرم .

ذات الاتجاة في مسلسل “جنة هلي” أو “مانيكان” و غيرها من الانتاجات الدرامية التلفزيونية الخليجية التي تأتي عامرة بحضور المرأة .. ولكنه حضور ناقص هش بلا ملامح الا اذا ما اعتبرنا أن تلك الكومة من الأصباغ والمكياج هي ملامح أو هوية .. وحتى في هذا الجانب نحن أمام مبالغة تخلق العزلة بين المشاهد وتلك الشخصيات والأعمال التي تقدمها . رغم الحضور الطاغي للمرأة في الدراما الخليجية .. إلا أنه حضور بلا هوية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى