ثقافة

مهرجان كان السينمائي 2022 : قراءة في النتائج

كان – عبد الستار ناجي

دورة استثنائية وعودة متجددة لمهرجان كان السينمائي في دورته الخامسة والسبعون التى انتهت اعمالها والتي تواصلت في الفترة من 17 – 28 مايو . والتي ازدحمت اختياراتها الرسمية بكم متميز من الإنتاجات السينمائية التي تحمل توقيع عدد بارز من أهم صناع السينما العالمية حطوا رحالهم على شاطئ الكوت دا زور في تنافس هو الثراء لصناعة السينما وهو الرهان والنبض المستقبلي لحرفة واجهت اقسى التحديات جراء جائحة كورونا التي عصفت بالعالم وبصناعة السينما والترفيه بشكل عام .


وحينما نتوقف عند نتائج الدورة الأخيرة علينا أن نعرف بأن لجنة التحكيم بقيادة الممثل الفرنسي فنينت ليندون قد واجهت تحديات كبرى وكانت أمام مصاعب جمة من أجل توزيع عادل للجوائز التي ذهبت وبنسبة كبيرة للأعمال المستحقة بالذات فيما يخص السعفة الذهبية التي حصدها الفيلم السويدي – مثلث الحزن – للمخرج روبن اوستلاند الذي كان قد فاز في العام 2017 بجائزة السعفة الذهبية عن فيلم – المربع – الذي يظل واحدا من التحف السينمائية المثيرة للجدل .


في فيلم – مثلث الحزن – نحن كما في جميع افلام اوستلاند ما هو ظاهر وما هو مبطن . الحكاية هي السخرية المفرطة عن عارض ازياء وصديقته العارضة يحصلان على رحلة مجانية على متن احد السفن السياحية ( كروز ) ليجدا انفسهما امام مغامرة تنتهي بانفجار السفينة والتمكن من الوصول الى شاطئ احد الجزر حيث يجد الجميع انفسهم وهم في الغالب من الاثرياء انفسهم غير قادرين على تأمين قوتهم واحتياجاتهم الضروروية التي تقوم بها احد العاملات من شرق اسيا ( الفلبين ) والتي تقوم بمهمة الصيد واشعال النار والطبخ وهذا ما يجعلها لاحقا تطلب بأن تكون الرئيسة على الجميع وكان اوستلاند يدق الناقوس بأن العالم سيكون للفقراء العاملين المجتهدين اما الاثرياء فلن يكون لهم مكان حيث لا نفع للثروات والمال امام الكسل والتراخي .


هكذا هو المتن الخاص بالعمل على الصعيد الروائي اما الشكل فهو الذهاب الى السخرية من كل شيء اعتبارا من الكابتن المدمن الى التفرقة بين الركاب والعاملين وايضا البطالة التي تحاصر الجميع في زمن ينعم به الاثرياء بكل شيء .
فيلم عميق كلما ذهبت الى ابعاده بالتحليل والتأمل .


فيما يخص جائزة التمثيل النسائي والتي ذهبت الى الممثلة الايرانية زار امير ابراهيمي عن فيلم – العنكبوت المقدس – للمخرج علي عباسي والذي تجسد خلاله دور صحفية تصل من طهران الى مدينة مشهد من اجل البحث عن تفاصيل مجرم يقوم يوميا باغتيال احدى بائعات الهوى ضمن فتوى الجهاد ضد الفساد .


شخصية مكتوبة بعناية تدافع عن المرأة . وأهمية ان يتم تحقيق العدالة بواسطة القانون وليس عبر ان يحقق كل شخص العدالة بأسلوبه وبطريقته عندها ستعم الفوضى ويقتل القانون . سينما من نوع مختلف تلك التي يقدمها المخرج علي عباسي وايضا فريقه ونخص الرائعة زار امير ابراهيمي وايضا الممثل مهدي باجستاني .


جائزة افضل ممثل ذهبت الى النجم الكوري الجنوبي سونج كنج هو والذي قدم شخصية سكرتير في مكتب استقبال الاطفال الذين تعجز اسرهم عن رعايتهم لتقوم الدولة بالامر ولكنه بدلا من ان يسلم الطفل للادارة ياخذة معه ويقنع زميلة في العمل بان يقومان ببيعة لهذا يتحول الى سمسار يبحث عمن يدفع اكثر للتبني من اجل التخلص من ظروفه المادية والاسرية الصعبة في رحله تاخذة الى عدة مدن يابانية وكان الفيلم يشير بالاتهام الاقتصادي والاجتماعي للجميع في التورط ببيع طفل من اجل الثراء وحل الازمات .


مشيرين بان سونج كيج هو عرف عالميا من خلال دوره في فيلم – الطفيلي – الذى فاز باوسكار افضل فيلم ومن قبلها بالسعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي وهو اهل للاستحقاق .


من الجوائز المستحقة نشير الى جائزة لجنة التحكيم الخاصة التي ذهبت مناصفة بين الفيلم البولندي – اي او – للمخرج جيرزي سكولوموفسكي والذي يرصد العالم والدمار الذي يقوم به الإنسان من خلال أحد الحمير الذي يبدأ مشواره في سيرك وينتهي للذبح في أحد المسالخ . ومعه فاز مناصفة الفيلم البلجيكي – الجبال الثمانية – الذي يتناول موضوع الصداقة وسط الحياة وسط الجبال وتقاليد الحياة هناك .


جائزة أفضل اخراج هي الاخرى جاءت مستحقة للمخرج الكوري بارك شن وك عن فيلم – القرار بالانصال – الذى صاغ رؤية بصرية ثرية وحلول اخراجية تدهش وتمتع وتحقق الثراء للموضوع والشخوص والاحداث .


جائزة أفضل سيناريو ذهبت الى المخرج السويدي المصري الأصل – طارق صلاح – عن فيلم – ولد من الجنة – والفيلم يروي حكاية شاب ياتى من احدي القري المصرية التى تعيش على صيد الاسماك للدراسة في الازهر الشريف ليجد نفسه في مغامرة كبري بالذات حينما يتوفي الامام الاكبر وتبدا المحاولات والتدخلات لاختيار الامام الجديد . ومنذ اللحظة الاولي لاختيار الموضوع واختيار الفيلم للعرض في مهرجان كان السينمائي علم الجميع بان هناك توجها لحمايته وتكريمة فقط لانه يتعرض لموضوع حساس ويتناول بالنقد المؤسسة السياسية وهو ايقاع يعجب المهرجانات الاوروبية ونقادها رغم التحفظ الكبير على العمل بشكل عام لاننا امام متاهات ساسية ودينية وتلفيقات هدفها هكذا جائزة .


التحفظ على الجائزة الكبرى في المناصفة بين المخرج البلجيكي لوكاس دونت عن فيلمه الرائع – كلوز – وهو احق بما هو ابعد .

الا ان لجنة التحكيم قررت منحه الجائزة مناصفة مع المخرجة الكبيرة كلير ديني عن فيلم – نجوم في الظهيرة – وهو مغامرة اقرب منه ان يكون فيلما من توقيع مخرجة كبيرة ذات تاريخ سينمائي حافل وعامر .


الاستحقاق الأبرز جاء مع جائزة الدورة ال 75 لفيلم – توري ولوكيتا – للاخوين دردان الفائزين من ذي قبل مرتين بالسعفة الذهبية وهذة الجائزة تذكرة بالجائزة التى حصل عليها الراحل يوسف شاهين بمناسبة الدورة الخمسين عن مسيرته السينمائية ويومها عرض فيلم – المصير – داخل المسابقة الرسمية .


على الصعيد الشخصي اشعر بشئ من الغياب المجحف لعملين كبيرين عن لائحة الجوائز وهما فيلم – زوجة تشاكوفيسكي – وايضا الفيلم الايراني – ليلى واخوانها – لسعيد روستائي ولا نريد الى شيئا من التدخل السياسي لان مهرجان كان فوق تلك المعايير والتوجهات والا لما اختار تلك الافلام في المسابقة الرسمية لاننا امام قيم سينمائية عالية الجودة ستحقق حضورها واصدءها في مهرجانات وتظاهرات اخرى في انحاء العالم .


جوائز مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته لعام 2022 كانت الاقرب الى الصواب واختيارات النقاد ولربما الجمهور ايضا .


افلام ستجد طريقها الى مهرجانات العالم خلال العام الحالي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى