ثقافة

فيلم فرحة احداثيات زمن النكبة..

عبد الستار ناجي – جدة


ضمن عروض مهرجان مهرجان البحر الاحمر السينمائي الدولي يأتى الفيلم الاردني ( فرحة ) من توقيع المخرجة الاردنية دارين سلام . عبر رحلة سينمائية عذبة وثرية لاحداثيات زمن النكبة .

( فرحة ) قصيدة عشق لفلسطين والارض وعين شاهد برئ نقلته الاحداث من زمن الطفولة والبراءة الى عاصفة اطاحت بالحلم ومن قبلها الاسرة والدار والوطن .


حكاية الصبية ( فرحة ) – دلالات الاسم – ولكنها فرحة لم تكتمل ذات الاثني عشر ربيعا والتى كانت تحلم بتكملة دراستها في المدينة بانتظار موافقة والدها المختار . وفي اللحظة التى تصل بها الموافقة تأتى عاصفة النكبة ليتمزق الحلم كما هي بقية الاشياء ومن بينها فقدان الصديقة والاب والدار والجيران والاهل والاحبة وتلك الشجرة التى كانت تسترخي تحت ضلالها وصديقة وذكريات وطعم التين وشمس لا تغيب عن البيادر والوجوة .


امام عاصفة الاحتلال يضطر والدها ان يدخلها الى سرداب مخصص لحفظ المونة على ان يعود اليها بعد حين . ولكن الحين لا ياتى وهى تشاهد الكثير من الحكايات التى ترصدها من فتحات ضيقة في الباب تاره والجدار تارات اخري .


حكايات الالم والاغتيال المجاني الارعن التى ظلت تعزف على ايقاع عدواني لم يسلم منه احد . حكايات الخيانة والتامر . وايضا النضال والتحدي والاردة . احداث الولادة والاغتيال . تفاصيل الزمن الذى يمر حيث لا شي في ذلك السرداب سوي الفراغ والامل بان تشرق الشمس التى تتسرب من تلك الثقوب لتشكل املا يظل بعيدا غائبا وكانه يكتب زمن الهجرة والاحتلال والغربة والفراق الابدي الا من حلم سيظل متقدا للعودة .


بتميز واضح جسدت ( كرم طاهر ) شخصية ( فرحة ) عبر اداء خال من التكلف عاشت الشخصية كما رسمت بل كما ارادت المخرجة دارين سلام التى صبغت العمل باكمله بروحها وبصمتها حتى اللغة اللونية التى كانت قبل النكبة الزاهية الالوان وتلك التى ما بعدها القاتمة التى تخنق .


شاهدت للمخرجة دارين سلام من ذي قبل فيلم ( الظلام في الخارج) فيلم روائي قصير من خمس عشرة دقيقة تناول يومها ثيمة التعصب الفكري في العالم العربي، عبر عيون الطفلة ( نينا) التي تعاني من فوبيا العتمة أو الظلام، لتواجه تلك الصبية ذات العشر سنوات بأحداث عدة في مدرسة مغلقة متزمتة، عبر دلالات تعكس الانغلاق الموجع في المجتمعات العربية بالذات اتجاة المرأة ومنحها شي من حقوقها . وفي الفيلم الجديد ( فرحة ) اشتغال قريب . حيث الطفلة امل الدراسة والحقوق وايضا دهاليز العتمة التى تعاملت معها ( فرحة ) بقوة وعزيمة وكانها تعلن عن جهوزية عالية لتسجيل تاريخ جديد وامل جديد .


في الفيلم احتفاء عال بالمراة الفلسطينية والارداة والمقاومة والتحدي والاشتغال على حكاية قد تبدو عابرة الا ان الكتابة الذكية وتجاوز الهوامش وتعميق الابعاد والدلالات منح الفيلم عمق اكبر . حيث ( فرحة ) هي القضية والمحور نضال صبية كفاح جيل امل فلسطيني تعب انساني عشق وانتماء للارض والقضية .


قد يكون النصف الثاني من الفيلم ( السرداب ) قاسيا وصعبا ولربما بطيئا بالنسبة للبعض . ولكنه في الحقيقة يكشف عن كتابة ذكية ومخرجة تمتلك ادواتها في التعامل مع تلك المشهديات التى تتطلب الكثير من الاشتغال على الزمن والاضاءة وادارة المشهد وتصميمة وايضا ادارة ممثلة شابة نتوقع لها الكثير خصوصا وهى تتعامل مع الكاميرا بعفوية وبساطة متناهية وما احوج صناع السينما والدراما في الاردن للالتفات الى هكذا مواهب واعدة ومرتقبة .


تركيز المخرجة دارين سلام على الحدث وتجاوز الهوامش جعل امام حالة من خلالها يتم استحضار كل القضايا .

وفرحة هنا هي اختصار كل شي . عزيمة وادارة وتحدي وجيل وقضية وامل . فما اورع ان يتم اختصار كل ذلك بشخصية محورية اساسية تاخذنا الى كم من المقولات التى تعزف على مقام الاقتدار من مخرجة منذ انطلاقتها وهى تسجل بصمات واليوم تذهب بعيدا حينما تستحضر احداثيات النكبة عبر عين شاهد لتحملها الى الاجيال .

سينما دارين سلام سينما تحمل المتعة ولكنها تظل تصرخ احبك فلسطين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى