ثقافة

مهرجان البحر الأحمر : فيلم الشقيقات.. ألم المرأة بين الهوية والكينونة

كتب: عبد الستار ناجي – جدة


بعيدا تذهب المخرجة الفرنسية الجزائرية الأصل يامينا بن جيجي وهو تقدم الم المراة بين المحافظة على الهوية والكينونة من خلال فيلمها الثري والعميق ( الاخوات ) الذي يجس مواقع الالم عبر ثلاث شقيقات من اصول جزائرية في فرنسا تقرر احدهن ان تقدم عرضا مسرحيا مستمدا من حكايتهن التى تفجر كم من القضايا والاشكاليات بالذات فيما يخص العلاقة مع اب ارد لان يربي بناته على تلك القيم والتقاليد التى عاشها في بلاده الجزائر قبل الهجرة الى فرنسا . لنكتشف بان هناك ممارسات وتصرفات تميزت بالقسوة والحدة في التعامل ساهمت في تمزيق شمل تلك العائلة خصوصا حينما يقرر الاب بان يرحل عدد من افراد العائلة الى الجزائر ليحدث التمزق وتفتقد الشقيقات الثلاثة شقيقهن الوحيد وايضا اختهم الصغيرة التى عاشت بعيدا عنهن مما ساهم في خلق حالة من الارتباك والتباين في طبيعة التعامل مع الظروف الموضوعية .فيلم شديد القسوة عميق مكتوب بعناية عامر بالتميز والحضور السخي لنجمات شامخات من نجمات الفرنسة ئوات الاصول العربية ومنهن ايزابيل ادجاني ورشيدة بركاني وميوين والتونسية الاصل حفيظة حرزي .


فيلم يمزج بين السينما والمسرح ويشتغل على تقاطعات زمنية متعدة ويستحضر الكفاح المسلح وايضا الحراك في المرحلة الراهنة عبر مجموعة من الحكايات والتقاطعات التى تمثل موزاييك العلاقات التى تحيط بتلك الاسرة وبالذات تلك الشقبقات اللواتي تتفجر بينهن ردود الافعال التى تنطلق من التغيير الذي حدث عبر تلك المراحل وطبيعة المكان والزمان والانتماء .


سينما تحتفي بالمراة ولكنها في الحين ذاته تشتغل على مجموعة من القيم العالية التى ياتى في مقدمتها ( الهوية ) و( الكينونه ) فتلك الفتيات اللواتى انطلقن من رحم المعاناة والالم والمعاملة القاسية من اب صارم ارد لبناته ان يسرن على نهج اسرته العربية المسلمة اعتبارا من الجلسة الى اللغة وصولا الى الموقف من فرنسا ( المحتلة ) ولكن المعادلات تغيرت الا ان تلك الممارسات خلفت ندوبا وجروح لا تزال تنزف كلما تم الاقتراب منها فكيف بتجربة تقديم عمل مسرحي يفجر الالم والدم والمعاناة خصوصا بعد ان تقرر الاخوات الذهاب الى الجزائر للتواصل مع والدهن الذى اصيب بجلطة . وعودتهن تاتى رغبا في البحث عن شقيقهن الاصغر المفقود وليس الاب طريح الفراش لانه بات من الماضي . ويقترن وصولهن بالحراك وايضا بموت والدهن ( الماضي ) وليشاركن في الحراك من اجل ايصال كلمتهن والعمل على عودة ما سمى وقتها ( المخطوفين ) من وجهة النظر الفرنسية .


عميقة هى المخرجة يامينا بن جيجي وهو تذهب الى موضوع جدلي بالذات فيما يخص الهوية والانتماء عبر نص عميق سلسل واضح المواقف يحترم التاريخ والاحداث ولكنه ينطلق الى الغد والمستقبل عبر مكاشفة تثير الكثير من الجدل وتستدعي التاريخ في كتابة سينمائية احترافية وفرجة عالية الجودة ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى