مهرجان كان السينمائي 2024 : فيلم طريق الأشباح العزف على ايقاع مهاجر سوري
كتب – عبد الستار ناجي
عرض الفيلم الفرنسي – طريق الاشباح – للمخرج جوناثان ميلية في افتتاح تظاهرة – اسبوع النقاد – في صالة ميرمار علي الكوت دي زور في مدينة كان ضمن فعاليات مهرجان السينمائى الدولي في دورته ال 77 لعام 2024 . فيلم ياخذنا الى حكاية ( حميد – ادم بيسا ) المهاجر السوري الذى كان يعمل في بلاده استاذ للادب العربي وفقد زوجته وابنته خلال الحرب التى عاشتها سورية كم دخل السجن . وبعد خروجه من المعتقل يهاجر الى اوروبا ليلتحق في منظمة سرية هدفها المباشر مطاردة المتورطين في اغتيال وتعذيب الكثير من المواطنين السوريين . يتم تكليف ( حميد ) بالبحث عن شخصية احدي المتورطين ( حرفز ) والذي يقيم في مدينة ستراسبورغ الفرنسية حيث ينتقل حميد من برلين الى ستراسبورغ من اجل انجاز تلك المهمة والبحث عن كافة التفاصيل الخاصة بتلك الشخصية التى تحاول الاختفاء بشخصية طالب متخصص في دراسة الكيمياء . وتمضي لحظات الفيلم بين مجموعة من الاحداث التى تتابع ادق التفاصيل الخاصة بشخصية ( حميد ) المهاجر سواء وهو يتواصل مع والدته المهاجرة الى بيروت والتى تعاني ومن المرض والغربة . وايضا تعرفة على مهاجرة سورية تعمل في مصبغة للملابس وايضا ملاحقته الصيقة لذلك المتورط بالاغتيالات والتعذيب . وصولا الى المرحلة النهائية والخاصة بالحكم النهائي بين اعضاء التنظيم بعد التاكد من صحة الاتهامات . ويتم التشاور بين اعضاء المجموعة السرية على كلميتين الاولي ( شمس ) وتعني ارسالة ملف المتورط والمعلومات التى تدينة الى السلطات الفرنسية لاتخاذ الاجراءات القانونية بحقة او مفردة ( قمر ) والتى تعني العمل على تصفيته . ويأتى القرار ( شمس ) وهو امر كنا قد شاهدناه في اعمال سابقة عن منظمات سرية ( يهدوية ) بعد الحرب العالمية الثانية . كانت تطارد المتورطين في التصفيات التى قامت بها ( النازية ) والتى كانت تنتهي الى حكم ( القانون ) . وبعد صدور القرار . يتم تكليف ( حميد ) بالانتقال الى اسبانيا من اجل مطاردة متورط اخري من اجل حكاية جديدة لتحقيق شي من العدالة لكثير من الذين ذهبوا ضحية تلك الفترة السوداء من تاريخ سورية . فيلم يظل بطيئا والاحداث تكاد تتكرر حتى ردود الافعال تبدو هادئة منطبة وفي احيان كثيرة غير مبررة . مثل مشهد سفر ( حميد ) الى بيروت ورغم ذلك لا يلتقي بوالدته ويكتفي بمشاهدتها من بعيد وايصال الدواء لها عن طريق الصليب الاحمر . وهكذا الامر في مشهد محاولة الاغتيال التى تقوم بها زوجة احد المناضلين لتذهب الطعنة الى بطن ( حميد ) . هذا الايقاع البطئ والتكرار في الكثير من المشهديات ساهما بشكل او باخر في خلف مسافة بين المتلقي وتنامي الحدث وانسيابيته . خصوصا حينما نكتشف منذ المشاهد الاولي اهداف العمل ومضامينة حتى النهاية باتت معروفة من اجل تقديم صورة جديدة للانسان العربي وهو امر ايجابي ولكنه ورغم توقع حدوثه دراميا جاء متاخرا لذا جاء القرار باهتا .. إذا كان هناك جانب سلبي للفيلم، فهو أن خطة ( حميد ) شاملة للغاية وتم تنفيذها بشكل جيد لدرجة أن النتيجة تبدو حتمية بسرعة كبيرة. ولكن يمكن القول بنفس السهولة إن المسيرة البطيئة إلى وجهة واضحة هي جزء من الهدف. وهناك جملة هامة جاءت في سياق الحوار بين ( حميد ) و( حرفز ) وقالها الاخير : “الجميع يتحدث عن بلدنا، عن الموت، عن المشاكل”. “لا يمكنك أن تبدأ حياة جديدة إذا ضيعت وقتك في التفكير في الماضي ” . وهي الجملة التى تأسس عليها النتيجة النهائية للفيلم . في الفيلم حضور متميز للفنان التونسي الفرنسي ادم بيسا بدور ( حميد ) ونحن امام فنان يؤكد يوما بعد اخر وتجربة بعد اخري حضورة وتطوره ومقدرته على التنوع في الاداء . وهكذا الامر مع برهوم توفيق الذي استطاع ان يسيطر على مساحة الغموض في الشخصية حتى رغم ان نصف مشاهدة الاولي جاءت صامته وبشكل غير كامل الظهور . المخرج جوناثان ميليه الذي انتقل من دراسة الفلسفة الى السينما حيث حمل كاميرته وحيدا الى عدة دول ومنها ايران وباكستان والسودان وعدد من دول الشرق الاوسط واميركا الجنوبية . وفي فيلمه الجديد يجتهد في العزف على معاناة والم مهاجر سوري يحاول ان يكشف ممارسات وتورط البعض في عمليات الاغتيالات والتعذيب . معتمدا على سيناريو كتبته فلورنس روشيت.. ولكن ما هو اهم وما تناساه السيناريو والفيلم والمخرج ان نسيان الماضي يمثل يحد ذاته مزيد من الجرم بحق الضحية .