الإقلاع عن التدخين.. شهر رمضان الأنسب للمدخنيين لكسر قيود الإدمان
بقلم: هناء ضاكة
ليس بالأمر الهين اتخاذ قرار الإقلاع عن التدخين، لما يستلزمه من إرادة قوية وعزيمة صلبة لكسر قيود الإدمان، لذلك يشكل شهر رمضان المفعم بالأجواء الروحية اختيارا موفقا للمدخنين من أجل التخلص من هذه الآفة المدمرة التي أودت بحياة العديد من الأشخاص ولاتزال تفتك بحياة الكثيرين.
وفي الواقع، فإن الرغبة في الإقلاع عن هذه العادة السيئة، وبالضبط في هذا الشهر الفضيل، تنتاب العديد من المدمنين الذين غالبا ما يكونون على دراية تامة بأضرار التدخين وما يخلفه من أمراض جسدية ونفسية تؤثر على صحتهم وصحة من حولهم، وذلك لما تحتويه السيجارة من مواد سامة، ولاسيما مادة النيكوتين المسؤولة عن الإدمان.
ويرى أخصائيون في علم النفس والتقويم السلوكي، أنه بالإمكان التخلص النهائي من الإدمان على التدخين كعادة سيئة وسلوك سلبي، على غرار باقي أنواع السلوكات السلبية، وذلك عبر تحديد مجموعة من الأهداف والتركيز على التحديات التي قد تواجه المدخن أثناء « رحلة » الإقلاع عن التدخين.
وفي هذا الصدد، يؤكد طبيب الصحة العامة المختص في الفيروسات والبكتيريا والأمراض المعدية، إدريس هدان، أن شهر رمضان يعتبر فرصة مثالية للإقلاع عن جميع أنواع الإدمان، خاصة تدخين السيجارة بأنواعها العادية والالكترونية، مضيفا أن الصيام يقوي الإرادة والعزيمة والصبر عند الامتناع عن الشرب والأكل وباقي الشهوات، وبذلك يمكن التغلب على عادة التدخين.
وأوضح السيد هدان، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة أكدت على أن صيام شهر رمضان كاملا يجعل جسم الإنسان قادرا على التخلص من جميع التسممات، خاصة منها ترسبات مادة « النيكوتين »، إحدى أهم مكونات السيجارة والتي تسبب الإدمان.
وأبرز أن الصيام يقوي جهاز المناعة ويعيد بناء الجسم وي صلح الأعطاب الناجمة عن التسممات بصفة عامة والمترتبة عن التدخين بصفة خاصة، كما أن الصيام يجدد خلايا الجسم، ما يجعل من شهر رمضان فرصة للإقلاع عن التدخين.
وفي هذا الصدد، أشار المتخصص في الطب العام إلى أنه عند الامتناع عن التدخين لابد من التحلي بالكثير من الصبر في الأيام الأولى، حيث من الممكن أن تظهر بعض الأعراض، ومن أهمها القلق والتوتر والعصبية الزائدة والخمول وقلة التركيز، وهي الأعراض التي تبدأ في الزوال بالتزامن مع تناقص مادة النيكوتين في الدم، وهكذا تتجدد خلايا الجسم الذي يستعيد قوته وشبابه.
وبخصوص الخطوات العملية التي من شأنها أن تساعد المدخن على الإقلاع عن التدخين، فقد حددها السيد هدان في الوعي بمخاطر التدخين على الصحة، ومنها الإصابة بسرطان الرئة، والتهاب الأوعية الدموية في الفخذ أو الساق، والتهاب البلعوم المزمن، وعسر الهضم، واضطراب الأمعاء، وخفقان القلب والتشنجات الوعائية، وارتفاع ضغط الدم والذبحة الصدرية والجلطة القلبية، وتصلب الشرايين، والتهاب القصبات الهوائية الرئوية الحادة، والتهاب العصب النظري، وضعف القدرة الجنسية عند الرجال، وارتفاع نسبة الإجهاض وارتفاع نسبة الوفيات قبل وبعد الولادة لدى النساء.
ولتفادي مخاطر التدخين، ينصح السيد هدان بممارسة الرياضة بانتظام من خلال الانضمام للنوادي الرياضية أو في الهواء الطلق، وشرب الماء بكثرة والتغذية المتوازنة والسليمة الغنية بالفيتامينات، خاصة فيتامين « سي » و « أ » والبوتاسيوم والمغنيسيوم والأحماض الدهنية غير المشبعة.
وبخصوص الدعم الذي يمكن أن يقدمه المحيط الشخصي للمدخن (الأسرة، الأصدقاء..) من أجل الإقلاع عن هذه العادة السيئة، نصح السيد هدان المدخن بزيارة مستشار نفسي-تربوي من أجل وضع برنامج إرشادي للتعرف على البيانات الأساسية للمدخن، وعلى محيطه العائلي، وذلك من خلال تطبيق « اختبار الأعراض العصبية » للتعرف على طبيعة العلاقة بين الزوجين والوالدين ومدى انعكاساتها على الابن المدخن مثلا.
كما أكد على أهمية التعرف على طبيعة التنشئة الاجتماعية للابن المدخن والأسباب الذي دفعته للتدخين من خلال الوالدين، والتحقق من عدم وجود اضطراب في الشخصية أو اضطرابات عصبية كالقلق والاكتئاب والخوف والوسواس والهستيريا، وفهم حاجات الابن والعمل على تحقيقها، بالإضافة إلى العمل على علاج الأسباب التي أدت به إلى التدخين مثل نقص الثقة في النفس.
واستحضر، في هذا الصدد، الأضرار الناتجة عن التدخين من الناحية الدينية والقيمية والصحية والنفسية والأسرية والاجتماعية، مبرزا ضرورة العمل على حل المشاكل النفسية التي يمكن أن تكون وراء التدخين، لاسيما القلق والاكتئاب والعمل على تشجيع الابن على الإقلاع عن التدخين.
ولم يفت السيد هدان التأكيد على ضرورة تحسيس الابن بالحب والاهتمام والتقدير وخلق جو من الحوار الهادئ، والمشاركة في حملات التوعية داخل مراكز مكافحة التدخين، وتقوية عزيمته من أجل عدم العودة للتدخين.