العالم

لماذا يتعلق رؤساء فرنسا بلبنان؟ وهل الانتداب ممكن من جديد؟

يحن بعض الشعب اللبناني إلى الانتداب الفرنسي، ووقع أكثر من 50 ألف لبناني على عريضة للمطالبة بعودة الانتداب الفرنسي عقب الانفجار الضخم الذي هز مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت يوم الثلاثاء ما أودى بحياة أزيد من 150 شخصا، وإصابة أزيد من 5000 شخص وتشريد ما يزيد عن 300 ألف مواطن.

العريضة تزامنت مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العاصمة بيروت بعد الانفجار المهول حيث التقى بالرئيس اللبناني ميشل عون وأعضاء في الحكومة، كما قام بجولة في المدينة المنكوبة والتقى بالمواطنين الغاضبين والمطالبين بالتغيير بعدما عجزت الحكومة عن إدارة البلد وضمان أمنه واستقراره، وجاء في العريضة أن النظام اللبناني ينهار بسبب الفساد والإرهاب.

لبنان في التاريخ

عقب انهيار الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، تقاسم الغرب وفق معاهدة سايكس بيكو الشرق الأدنى كما كان يطلق عليه آنذاك، وفي العام 1920 وتحت إشراف الجنرال الفرنسي هنري غورو، وأعلن القيام عن لبنان الكبير ويضم بيروت وجبل لبنان وجنوب لبنان وطرابلس والهرمل وعكار وراشيا وحاصبيا.

وبعد حصول لبنان على استقلاله في العام 1943ـ أقيمت دولة برلمانية ديمقراطية دستورها نسخة من الجمهورية الفرنسية الثالثة.

كيف يتم إدارة لبنان؟

بشارة الخوري كان أول رئيس للجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال ورياض الصلح عين أول رئيس للحكومة.

اتفقت الحكومة الجديدة في العام 1943 على الميثاق الوطني الشفهي غير المكتوب يتم بموجبه تعين رئيس للجمهورية من الديانة المسيحية وأن يكون مارونيا، على أن يكون رئيس مجلس النواب مسلما شيعيا، ورئيس السلطة التنفيذية من المسلمين السنة.

نظريا لبنان دولة تحكم توافقيا بين الطوائف علما أنها جمهورية برلمانية ديمقراطية، وهذا ما حصل عقب الحرب الأهلية بين 1975 و 1990، حيث قلص اتفاق الطائف من صلاحيات الرئيس المسيحي الماروني وناصف بين المسلم والمسيحي.

هل الانتداب ممكن من جديد؟

الانتداب لا يبدو محتملا لا في لبنان ولا في دولة أخرى، خاصة بعدما أنهى إنشاء جمعية الأمم المتحدة في العام 1945 مصطلح الانتداب المتعارف عليه بعد الحرب العالمية الأولى.

إضافة إلى أن لبنان بلد مستقل وحر حسب الأمم المتحدة وبالتالي لا يمكن لدولة أخرى إدارة شؤون البلاد إلا بشروط تعجيزية وبطرق مختلفة عن الانتداب والاستعمار الذي جرى في الماضي.

لذلك في المستقبل أي دور محتمل ستلعبه فرنسا في لبنان سيكون مرتبطا بشكل مباشر بمجلس الأمن الدولي.

فحسب الفصل السابع من قانون المجلس الدولي، يمكن لدولة ما إدارة شؤون بلد آخر في حال اعتبر مجلس الأمن أنه يتوجب إعادة السلام والاستقرار فيها.

ما سبب تعلق رؤساء فرنسا بلبنان؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ وقوع الانفجار يوم الثلاثاء غرد باللغة العربية عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي معربا عن تضامنه مع الشعب اللبناني.

وقال “لبنان ليس وحيدا” و “بحبك يا لبنان” كما انتقل إلى عين المكان وكان أول رئيس دولة يزور لبنان بعد الكارثة.

القائد العسكري شارل ديغول الذي بات رئيسا للجمهورية الفرنسية عاش في لبنان بين العام 1929 و العام 1931. سقطت الدولة خلال الحرب العالمية الثانية، بيد حكومة فيشي، وحاول ديغول استعادتها. إلا أن لبنان استقلت في العام 1943.

ويسارع الرؤساء الفرنسيون إلى زيارة لبنان لتقديم الدعم عقب الحوادث والأزمات التي سجلتها البلاد على غرار زيارة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران للعاصمة بيروت عقب استهداف مبنى يضم قوات فرنسية وأمريكية بواسطة شاحنتين مفخختين في العام 1983 ما أودى بحياة 58 جنديا فرنسيا.

كما سافر الرئيس السابق الراحل جاك شيراك إلى لبنان في العام 2005 لتقديم العزاء في رئيس الحكومة اللبناني الراحل رفيق الحريري الذي اغتيل أثناء مرور موكبه بالقرب من فندق سان جورج في بيروت.

كما زار الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في العام 2008 لبنان في أول زيارة رسمية لرئيس غربي منذ انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك ميشال سليمان.

بدوره قام الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند بزيارة إلى لبنان ضمن جولة إلى الشرق الأوسط،، وفي ظل شغور منصب الرئيس اللبناني، استقبله وزير الدفاع سمير مقبل، الزيارة تأتي عقب تعليق عقد مع باريس بقيمة ملياري يور كان يهدف لتجهيز الجيش اللبناني بتمويل سعودي، وتم توقيفه بسبب غضب السعودية من مواقف حزب الله اللبناني.

وتربط بيروت وباريس روابط ثقافية وسياسية وإنسانية، ويشار إلى أن نحو 35 ألف لبناني يعيشون في فرنسا اليوم حسب الإحصاءات الرسمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى