العالم

ما أوجه الشبه بين فيروس كورونا 2020 والإنفلونزا الإسبانية في 1918؟

يعيش العالم منذ نهاية شهر ديسمبر من العام 2019 أزمة صحية بسبب تفشي فيروس كورونا كوفيد 19 الذي أودى بحياة 257 301 شخصا في جميع أرجاء المعمورة، لكن هل هي الجائحة الأولى التي يعيشها سكان الكرة الأرضية؟

رغم التقدم في مجال الطب يشبه العام 2020 إلى حد كبير سنة 1918، التي شهدت أزمة صحية مماثلة بسبب تفشي وباء أطلق عليه اسم الإنفلونزا الإسبانية.

وعلى الرغم من أن العالم بأسره عاش فترات صعبة بسبب الفيروسات والأمراض المعدية وأنتج لقاحات فعالة مضادة وطور عقارات، إلا أنه عاجز الآن أمام الوباء القاتل المصر على حصد المزيد من الأرواح.

wikipedia

بين 1918 و 2020

كما كان الحال عليه في العام 1918، يتكرر السيناريو ذاته في العام 2020، مستشفيات لم تعد تقوى على استقبال المزيد من المصابين والمشارح ممتلئة بالجثث في انتظار دفنها أو حرقها، ولم تجد الحكومات سوى تطبيق سياسة الإغلاق العام وفرض الحجر المنزلي كما في القدم.

wikimedia

لم يتمكن أحد من إيجاد علاج أو لقاح في العام 1918 للتخلص من فيروس الانفلونزا الكبير أو الانفلونزا الإسبانية، الذي انتشر كالنار في الهشيم في جميع دول العالم بين أيلول/سبتمبر1918 وأبريل/نيسان 1919 وأودى بحياة أكثر من 50 مليون ضحية، حصيلة تجاوزت ما خلفته الحرب العالمية الأولى والثانية، الشيء نفسه في العام الجاري، لم يتوصل العلماء والأطباء والباحثون إلى علاج فعال للفيروس القاتل الذي كبد اقتصاد العالم خسائر فادحة ووضع نصف سكان العالم داخل الحجر الصحي.

الطب الحديث تمكن بسرعة من تحديد فيروس كورونا المستجد الجديد، ومعرفة رمزه الجيني وهو الأمر الذي لم يكن ممكنا في 1918. لكن طرق تجنب الإصابة وما الذي يجب على الشخص القيام به أثناء العدوى لم تتغير كثيرا خلال العهدين.

الرئيس الأمريكي المثير للجدل دونالد ترامب فشل منذ البداية في التعامل بجدية مع تهديد الفيروس، فأعلن السيطرة عليه قبل أن يتفشى الوباء بشكل مخيف في الولايات المتحدة الأمريكية التي أصبحت البلد الأكثر تضررا من جائحة كورونا، ليواصل تقديم معلومات مغلوطة يوميا خلال المؤتمر الصحفي الذي يعقده يوميا من البيت الأبيض، الأمر كان مختلفا في العام 1918، إذ فضل الرئيس الأمريكي ال 28 توماس وودرو ويلسون التزام الصمت أمام الجائحة.

The Library of Congress/flickr

كيف ظهرت الانفلونزا الإسبانية في العام 2018؟

الانفلونزا الإسبانية لم تظهر في إسبانيا، لكن أطلق عليها هذا الاسم لأن الصحافة الإسبانية كانت السباقة إلى الحديث عن هذا الوباء الجديد الذي اجتاح العالم بداية العام 1918، في الوقت الذي قللت فيه عدة دول كانت في معركة مع الحرب العالمية الأولى ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية من خطورة المرض.

ظهرت جائحة 1918 من فيروس يصيب الجهاز التنفسي وينتقل من الحيوان إلى البشر، بالطريقة ذاتها كفيروس كورونا كوفيد 19، كما أن له أعراض مشابهة. في تلك الفترة التباعد الاجتماعي وغسل اليدين ووضع الكمامات الواقية على الوجه كانت من بين الإجراءات التي اتخذتها حكومات الدول.

NSW State Archives/flickr

منذ نحو قرن تتكرر النصائح الطبية نفسها إلى يومنا هذا، الأطباء ينحصون المرضى بالمكوث في البيت وعدم الخروج إلا للضرورة، وشرب السوائل الدافئة كالشاي والأعشاب الطبيعية إلى أن تختفي أعراض المرض، لتفادي الالتهاب الرئوي أو بعض الأمراض المشابهة له، بعد الشفاء من الانفلونزا.

أين يكمن وجه الاختلاف؟

هناك اختلافات بسيطة بين كورونا 2020 و انفلونزا 1918، فالأخيرة كانت تهدد حياة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم بين 20 و 40 سنة بسبب المناعة الحيوية الخاصة بهم. وعند إصابتهم، تنخفض نسبة الأجسام المضادة في الجسم ويفقد جهاز المناعة القدرة على التغلب على الفيروس الذي يدمر الرئة وأصاب نحو 500 مليون شخص حول العالم.

إبان الحرب العالمية الأولى أبحر الجيش الأمريكي إلى أوروبا في سفن مزدحمة وحارب في الخنادق، وعاد منتصرا، لكن فرحته لم تدم طويلا بسبب الخسائر الفادحة في الأرواح في صفوفه والأشخاص الذين أصيبوا بالعدوى، وكان حينها يمكن تسمية الفيروس بانفلونزا الجيش الأمريكي أو البحرية الأمريكية أو الانفلونزا الألمانية أو البريطانية.

wikimedia

ومن أشهر الذين فقدوا حياتهم آنذاك بسبب الانفلونزا الإسبانية نذكر فريديريك ترامب، جد والد الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.

wikipedia

وأصيب بالانفلونزا كذلك قادة بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية إبان الحرب، وكذلك ملك بريطانيا جورج الخامس.

wikimedia

وملك إسبانيا ألفونسو الثالث عشر.

wikipedia

كما أصيب بالانفلونزا الرئيس ال 32 للولايات المتحدة الأمريكية فرانكلين روزفيلت، الذي كان حينها مساعدا لوزير البحرية.

wikipedia

يذكر أن الإنفلونزا الإسبانية انتشرت على 3 موجات قبل اختفائها، الموجة الأولى ظهرت في النصف الشمالي من الكرة الأرضية في ربيع العام 1918 وكانت تشبه إلى حد كبير الانفلونزا الموسمية.

الموجة الثانية اندلعت في أواخر شهر أغسطس/آب من العام ذاته، وكانت الأخطر إذ سقطت غالبية الأرواح بين منتصف شهر سبتمبر أيلول ومنتصف ديسمبر.

wikimedia

أما الموجة الثالثة والأخيرة فوقعت بداية العام 1919 واستمرت إلى نهاية فصل الربيع لكنها كانت أقل شدة من الثانية القاتلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى