العالم

هل الحوار بين الديانات أولوية اجتماعية في القرن الحادي والعشرين؟

أكد أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة، عبد الجليل الحجمري، اليوم الأربعاء بالرباط، أن الحوار بين الديانات أولوية اجتماعية في القرن الحادي والعشرين.

وأوضح السيد الحجمري، في كلمة بمناسبة افتتاح أشغال يوم دراسي حول موضوع “تطوير الخطاب بين الديانات وتجديده لتعارف أمتن والوعي بالاختلاف عن الآخر والاتحاد حول كلمة (نحن جميعا) باعتبارها رسالة موجهة للإنسانية جمعاء”، أن هذه الأولوية تتمثل في ” الاعتراف بعدم تحويل الاختلاف إلى خلاف، ذلك أن الحوار والاتحاد حول كلمة سواء هو إرساء ثقافة احترام التعدد من أجل تواصل للأفراد والمجتمعات “.

وأضاف أنه بالاختلاف ” يصل المتحاورون إلى الكلمة السواء، على عكس الخلاف الذي لا يؤدي إلا إلى تنازع وخصام يصلان حد الكراهية والقطيعة “، مشيرا إلى أن ما شهده العالم خلال السنتين المنصرمتين من انتشار وباء كورونا يعني أن العالم المعاصر تواجهه تحديات اجتماعية واقتصادية وكوارث صحية وبيئية هي على قدر كبير من التعقيد، وما ينتج عنه من مشاكل قد تؤدي إلى انهيار القيم والمجتمعات على حد سواء.

وفي هذا السياق، استحضر السيد الحجمري مقتطفا من نص الخطاب الذي ألقاه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال مراسم الاستقبال الرسمي لقداسة البابا فرانسيس في مارس 2019 ، والذي قال فيه جلالته “إننا في بحث متواصل عما يرضي الله، في ما وراء الصمت، أو الكلمات، أو المعتقدات وما توفره من سكينة؛ وذلك لتظل دياناتنا جسورا متميزة ونيرة، ولكي تظل تعاليم الإسلام ورسالته منارة خالدة. بيد أنه من الواضح أن الحوار بين الديانات السماوية يبقى غير كاف في واقعنا اليوم، ففي وقت تشهد أنماط العيش تحولات كبرى، في كل مكان، وبخصوص كل المجالات، فإنه ينبغي للحوار بين الأديان أن يتطور ويتجدد كذلك”.

وأبرز أن الأمر يتعلق بمرتكزات للحوار قائمة على قناعة مشتركة للديانات التوحيدية لأنها تحترم الإنسان وتعترف بحقوقه، لافتا إلى أن الكلمة السواء بديل عن كل تفرقة أو ترسيخ صور نمطية، وتطلع نحو المستقبل بالإعلاء من دور التربية والتعليم، لما لهما من أبعاد وجدانية وأخلاقية تمثل صلب تنشئة الفرد ورخاء المجتمع، مع الحرص على تحديث دراسة الأديان وتاريخها في إطار علم مقارنة الأديان بغية فهم عميق للعقائد والممارسات في أديان العالم.

كما أنها نشر لثقافة التفكير الحر والمسؤول في عالم يتسم بتغير وتبديل القيم والخوف من المستقبل، “لأنه حتى وهو يحمل إلينا كل يوم تدفقا هائلا للمعارف، إلا أنه يظل حاملا لأسئلة وجودية متجددة تدعونا إلى تدبر المآل بتفاؤل”.

وفي ما يتصل بالانتظارات المتعلقة بالحوار بين الديانات، قال أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة إن الأمر يتعلق بتلك الحاجة التي يتوافق حولها كل حوار : ثقافة السلام والتعايش والوئام واحترام التنوع الثقافي والعقدي، ونبذ كل انكماش هوياتي في زمن تعقدت فيه المصالح والمشاكل، مشددا على أن الحوار أصبح ضرورة من ضرورات العصر الراهن.

ومن هذا المنظور، يؤكد السيد الحجمري، ليس الحديث عن الحوار ما بين الديانات ترفا فكريا عابرا، بل إنه، قولا وفعلا، السبيل الوحيد والممكن لتدارك كل اختلال في العلاقة والفهم حتى لا يفقد الإنسان وجهته ويتيه مع متحورات الحضارات المعاصرة.

وخلص إلى القول “إن ما يتبقى هو الاجتماع على كلمة سواء ما فتئ جلالة الملك يعلي من شأنها ويحرص على دعوة التمسك بها باعتباره أميرا للمؤمنين ساهرا على صيانة القيم الروحية التي حملتها الأديان السماوية، جاعلا من شخصه الكريم واحدا من أولئك المؤمنين بتلك القيم ومن المدافعين عنها”.

يشار إلى أن هذا اليوم الدراسي الذي تنظمه أكاديمية المملكة، بالتعاون مع دائرة الحوار بين الأديان بالفاتيكان والرابطة المحمدية للعلماء، يأتي تنزيلا للتوجيهات الملكية السامية الحاثة على نشر ثقافة التعايش والسلام وتعزيز جسور الحوار بين الحضارات والثقافات والديانات، وترسيخ قيم احترام الآخر المختلف عقديا ولغويا وفكريا لنبذ آفات التطرف والعنف.

ويتضمن برنامج هذا اللقاء، على الخصوص، تنظيم جلستين، الأولى حول موضوع “معرفة أنفسنا والاعتراف بأنفسنا كأخوة: هبة الالتقاء وتحدي الاختلافات”، والثانية حول “الخطاب بين الديانات: الطبيعة، الغاية والتجديد”، علاوة على تلاوة البيان الختامي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى