مقالات الرأي

المرأة نصف المجتمع أم كله؟

منذ أيام وأنا أفكر في كتابة هذا العمود لأفرغ ما في دواخلي من أسئلة ربما قد تصاحبها أجوبة وربما لا. لكنني متيقنة بأنني سأجد العديد من النساء اللواتي يفكرن بنفس طريقتي ويطرحن نفس أسئلتي حول مكانتي كإمرأة في المجتمع.

تحت هذه الكلمة أضع ألف خط نعم ألف خط، فأنا أنتمي لمجتمع عربي/ أمازيغي، إسلامي إفريقي مكون حسب آخر الإحصائيات الصادرة سنة 2019 من 51 بالمائة من النساء و49 بالمائة من الذكور. نعم من حيث العدد، المرأة تفوق الرجل بقليل، لكن من حيث كل الجوانب الأخرى، لا زالت الغلبة للرجل.

نعم نعيش في مجتمع تغلبه الذكورية في كل شيء من المعتقد إلى التطبيق ومن العرف إلى المعاملة. منذ كنت صغيرة وأنا أحس بأن هناك خلل ما. فالتعامل مع الذكور لم يكن كما مع الإناث. وضع الثقة في الذكور كان أشد سهولة من وضع الثقة في الأنثى. حتى الاحتفال بولادة أنثى لم يكن بنفس الزخم كما لو كان ذكرا. حتى أنني بيني وبين نفسي أقول ولحد الآن لازلت أقول : لو كنت ذكرا لكنت أفضل حالا خصوصا داخل مجتمعاتنا التي تكرس الرجل ودوره في المجتمع وتضع الأنثى في مرتبة لاحقة وتبخس دورها وكيانها وتلخصها في كونها “عورة”، “جالبة للعار”، “غير جديرة بالمسؤولية”، “ذات نصف عقل” “ناقصة عقل ودين”، ” دون كفاءة ” …. ولا تصلح إلا ل”مراعاة” الزوج والبيت والأولاد. شكرا، شكرا للمجتمع الذي نصفه الصغير لا يحترم نصفه الكبير ولا يقدره كما يجب ولا يثمن مجهوداته ولا يقبل بمساواته معه في الحقوق كما في الواجبات.

أنا لا أهاجم الدين لأن الدين مقدس وقد جعل المرأة على قدم المساواة مع الرجل ولم يمسها بضرر، بل أهاجم وبكل شدة قراءة البعض للدين وللنصوص المقدسة كما يحلو لهم واضعين الرجل في كفة عليا والمرأة في كفة سفلى. ليست الحياة مثالية ولا المجتمعات مهما بلغت درجة تحضرها مثالية بشكل مطلق، غير أنه وجب علينا الآن التأمل والنظر فقط دون نقاش أو مجادلة في ماهية المرأة ودرجة أهميتها في هذه الحياة وأنها مصدر اتزان وتوازن هذا الكون.

لم لا ننظر إليها من زاوية أخرى؟ فالمرأة هي الأم التي تربي الأجيال، هي الأخت والسند والرفقة، هي الصديقة التي يمكن الاعتماد عليها، هي الحبيبة التي لا يمكن الاستغناء عنها، هي الزوجة رفيقة دربك في السراء والضراء، هي البنت التي هي قرة عينك، هي المعلمة التي علمتك منذ صباك، هي الطبيبة التي داوتك من آلامك، هي الربان التي تقود بك طائرتك، هي الشرطية التي تسهر على أمنك، هي السياسية التي تدافع عن حقوقك، هي ربة عملك، هي وهي وهي وهي….

أجل المرأة هي كل المجتمع. لأنها متواجدة في كل المجالات، قادرة على كل المهام، صاحبة علم، صاحبة دين، صاحبة رأي سديد، رائدة، يمكنها أن تقود كل المجتمع بحسها الأنثوي الذي يستصغره كثر.

بقلم لبنى التباع

تعليق واحد

  1. كلام جميل
    أعظم امرأة هي التي تعلمنا كيف نحب ونحن نكره وكيف نضحك ونحن نبكي وكيف نصبر ونحن نتعذب. سقراط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى