ثقافة

الإنتاج في زمن كورونا…!

عبد الستار ناجي – الكويت

الكتابة عن الانتاج الفني في زمن كورونا مثل الحديث عن كافة معطيات الحياة التي واجهت الكثير من المصاعب من أجل تحقيق الأهداف المرجوة وتجاوز ذلك المنعطف الخطر الذي كاد يدمر صناعة الانتاج الدرامي التلفزيوني ليس في الكويت أو دول الخليج العربي بل في أنحاء العالم .

واذا كانت بعض الأعمال قد توقفت فان البعض القليل راح يمارس السبحة عكس التيار متحديا كافة الظروف والمستجدات التي طرأت .

وأمام الحظر الجزئي في بداية الأمر في الكويت والذي كان من الرابعة عصرا حتى السادسة صباحا ثم تحول الى حظر شامل على مدى الأربع والعشرون ساعة كان لابد من أبجديات جديدة لمواجهة تلك الظروف الاستثنائية الخانقة.

هذا ما جعلني كمتابع أحرص على زيارة بعض المشاريع التي كانت في طور الانتاج ومن بينها مسلسل ” محمد علي رود ” و في ذاكرة الظل ” وهذا الأخير لحسن الطالع انه بدأ عجلة الانتاج في الأسبوع الأول من يناير وبايقاع متصاعد فكان أن وصل الى خط النهاية مع نهاية شهر فبراير أي قبيل الحظر الجزئي في الكويت بأيام قليلة لتبدأ بعدها العمليات الخاصة المونتاج والمكساج وتصحيح الألوان والتي تمت في أحد الاستديوهات بقيادة المخرج محمد كاظم الذي لم يخرج من ذلك الاستديو الا مع النصف الأول من شهر رمضان المبارك وكان المنتج الفنان عبدالله عبدالرضا ” حفيد النجم الراحل عبد الحسين عبدالرضا” هو صلة الوصل لتأمين احتياجات ذلك الفريق الذي كان يعمل مدى الأربع والعشرون ساعة.

التجربة الأصعب كانت مع مسلسل – محمد على رود – أمام الاجراءات الاحترازية والتي تضمنت منع التجول وعدم التجمع وغيرها . وكان فريق المسلسل قد انطلق بالتصوير في النصف الثاني من يناير نظرا لبناء استديوهات المدينة التراثية القديمة وكانت تسير الأمور حسب الجدول الزمني المقرر من قبل المنتج عبدالله بوشهري والمخرج مناف عبدال . حتى لحظة الحجر . عندها وجد الفريق نفسه أمام ورطة كبرى حيث تم منع السفر وبالتالي عدم مقدرة الفريق السفر الى الهند حيث كان من المقرر تصوير أكثر من نصف العمل حيث تجري الأحداث بين الكويت والهند في مرحلة الأربعينيات من القرن الماضي ويسلط الضوء على تجارة تهريب الذهب الذي تسلط عليه الدراما الخليجية الضوء للمرة الأولى.

أمام قرار حظر التجوال ومنع السفر كان الفريق أمام قرارين أما التوقف أو المضي بالتجربة وتحمل كافة التعبيات فكان التصويت لصالح تكملة المشوار بدعم واسناد من النجمين القديرين سعد الفرج ومحمد المنصور وأيضا النجمة هيفاء عادل وبقية عناصر العمل . وقاد التجربة بتفاؤل عال الثنائي المنتج بوشهري والمخرج مناف.

لذا جاء القرار ببناء مشاهد الهند في الكويت وهو أمر يتطلب بناء ديكورات ضخمة بالذات لشارع ” محمد علي رود ” الذي كان يعتبر من أهم الشوارع في مدينة بومباي في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي . كما تطلب الأمر الاستعانة بكم من الممثلين المساعدين والكومبارس وغيرهم ..

وسط تلك الظروف كررت العودة لذلك الموقع لزيارة الفريق . حيث تحول موقع التصوير الى ترسانة محصنة من اجراءات التطهير والكمامات وغيرها بالاضافة الى حالة شاملة من التعقيم وعدم السماح بالدخول الا في الظروف الاستثنائية.

كما تم بناء موقع خاص للضيافة لفريق العمل من الفنيين حتى لا يخرجون من الموقع بالتالي صعوبة عودتهم وسط الاجراءات المتخذة . حتى أن بعض نجوم اقترحوا المبيت في الموقع وهو موقع بات يضم مدينة تراثية وشوارع وأزقة قديمة وأيضا غرف المكياج والملابس ومنجرة للديكورات وغرف للاستراحة والاجتماعات وكم آخر من المرافق التي تعادل استديو ضخم للانتاج .

كانت المشكلة التالية تتعلق في تأمين أكبر عدد من الممثلين الثانويين بالذات في المشاهد الخاصة بالهند وهو أمر شكل مظلة كبرى في زمن الكورونا والحجر ومنع التحرك الا بشروط أمنية قاسية وهنا نشير الى أمر في غاية الأهمية حيث الاسناد الشامل من قبل وزارة الاعلام الكويتية متمثلة بالتلفزيون ورئيس هذا القطاع سعود الخالدي الذي امن كافة الظروف من أجل انجاز هذا العمل أو غيره من الأعمال التي أدرجت على الخارطة الرمضانية التلفزيونية . وذات الاسناد كان من قبل وزارة الصحة والداخلية التي امنت الموقع ومنحت تراخيص محدودة لفريق العمل من كبار النجوم على وجه الخصوص .هذا الاسناد كان المفتاح الحقيقي الذي قرن الحرص بالتفهم والاجراءات الصارمة بالاستثناء المتفهم لدور الفنان والاعلامي في منح الحياة فضاءات امل وسط الظروف التي اجتاحت العالم .

الانتاج في زمن الكورونا تجربة سيتوقف عندها الكثير من الفنانين والمخرجين والمنتجين ومن خلال المتابعة كراصد وناقد أستطيع أن أقول بأن تلك الأيام الصعبة بكل احداثياتها ستظل حاضرة لانها خلقت حالة من التحدي المقرون بالارادة من اجل الكينونة وتحدي ذلك الظرف الاستثنائي . ولولا تلك الارادة والتحدي لما كانت الكثير من تلك الاعمال الكبيرة التى طرزت بصمتها في وجدان المشاهد الخليجي والعربي ومن بينها مسلسل ” محمد علي رود ” و ” ام هارون ” و” الشهد المر ” و ” في ذاكرة الظل ” وغيرها من النتاجات التى عاشت سباق وتحدي ضد ارادة وسطوة كورونا – كوفيد 10 – . بالارادة .. تجاوز صناع الانتاج ذلك المنعطف وتلك التحديات من اجل استمراية الانتاج ومسيرة صناعة الدراما التلفزيونية في الكويت والخليج العربي .

إقرأ المزيد على كيوسك 24 للكاتب عبد الستار ناجي:

النجوم الشباب:الدراما الخليجية تكامل وثراء للابداع العربي

الهيئة العربية للمسرح منصة لابداعات أبو الفنون

نجوم الدراما الخليجية كيف يرون حصاد الموسم الرمضاني؟!

الحركة التشكيلية الخليجية أمام تحديات جديدة .. كورونا مصدر للالهام!

د . ابتسام الحمادي تؤكد على دور الأزياء في الدراما التلفزيونية

50 مليون دولار ميزانية أعمال رمضان الدرامية الخليجية

“ان بارادوكس” أول فيلم كويتي يعرض على نتفليكس

شخصيات الدراما الخليجية المثيرة للجدل : سقف أعلى من الطرح!

محمد المنصور: شخصية “شهاب” في “محمد علي رود” رسالة للأجيال

المرأة في الدراما الخليجية.. بلا هوية!

مناف عبدال: مسلسل “محمد علي رود” انتصار لكفاح جيل الأربعينيات!

المنتجون والنجوم يؤكدون أن الخسائر المادية كبيرة بسبب كورونا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى