ثقافة

مسلسل منا وفينا هل أظل الطريق من أجل دراما عمانية متميزة؟

الكويت – عبد الستار ناجي


أساله كثيرة راحت تزدحم حينما شاهدت للمرة الاولى المسلسل العماني ( منا وفينا ) وهذا ما جعلني اعود لمشاهدة المسلسل مرة ثانية من أجل تجاوز تاثيرات المشاهدة الاولي وكمية ردود الافعال التى طالت ذلك العمل الذى ظلت تنظره جماهير الدراما التلفزيونية في سلطنه عمان .
مشيرين الي ان سلطنة عمان تمتلك رصيدا ضخما من الاجيال الفنية سواء من مخرجات المعاهد الفنية المتخصصة او تلك التى تمتلك تجربة فنية عريضة نتيجة حضورها الفاعل في الدراما الكويتية بشكل خاص والخليجية بشكل عام . اسماء من الجنسين لها حضورها وبصمتها الفنية النابضة بالتميز والاقتدار .
في مسلسل – منا وفينا – نتابع في إطار كوميدي، حكاية زوج يسافر مع زوجته لعلاجها من مرض عضال خارج البلد ويبقى الأولاد وحدهم في المنزل، وتزداد مشاكلهم بسبب عدم انضباطهم ما يثير قلق الوالدين، وهنا يبدأ الصراع بين جيلين بعد قدوم الجد والجدة من محافظة الداخلية إلى محافظة مسقط للعيش مع الأولاد والعناية بهم . هكذا هو المحور الاساسي للاحدث ولكننا في حقيقة الامر وجدنا انفسنا امام كم من الحكايات التى يثري بعضها النص والبعض الاخر ينزلق الى متاهات هامشية لعل من بينها ( سرقة المعزة ) وكم اخر من الحكايات التى زرعت من اجل استيعاب هذا الكم من الوجوة الجديدة التى جاء بعضها من عالم – السوشل ميديا – دونما خبرة للتعامل مع الكاميرا وفن التمثيل الدرامل امام قامات كبيرة مثل الفنان صالح زعل والفنانة فخرية خميس .
كمية من الحكايات تذهب في اتجاهات متعددة لا تكاد تحرك ايقاع العمل بالذات في الحلقات السبع الاولي وما ان تتحرك حتى تعود الى التكرار والهامش الذى يجعل الحدث والنص في حالة من الدوران حول الذات وهذا ما يؤكد بان هذا العمل يعاني من اشكالية كبيرة علي صعيد كتابة النص وتطور الشخصيات والاحداث وغيرها من مفردات كتابة النص والسيناريو رغم محاولات المخرج عارف الطويل من اجل تقديم شكل جديد في الدراما العمانية ومحاولة المزج بين القراءة السياحية للعمل وايضا تعميق الشخوص والاحداث ولكنه كان امام نص جامد وشخوص لا تمتع بالثراء والعمق والصراع . حتى معادلة الاختلاف بين الاجيال ظلت باهته ومكررة ومستعادة سرعان ما فقدت توهجها امام اول الاحداث لتدخل دائرة التكرار والهوامش . بحيث تحولت العلاقة الى وصايا وتوجيهات ولربما اوامر غير مقبوله او مبرره في هذا المرحلة من تاريخ البشرية .
في العمل كم من الوجوة الجديدة التى تظل بامس الحاجة الى المزيد من العمل والاشتغال عليها لتجاوز التعامل مع الكاميرا وضرورة وجود مدربين للتمثيل ( كوتش ) يساهد في تطوير قدرات تلك الكوادر التى تتمتع بالجماهيرية لمكانتها في عالم السوشل ميديا . وهنا نشدد بان نجوم السوشل ميديا لا يصنعون وحدهم دراما تلفزيونية يريدها المشاهد العماني بان تمتع بالكينونة التى تليق به وبذوقه وثقافته ومشاهداته ومقارناته بالدراما الخليجية بشكل عام نظرا لحضور المبدع العماني في الاعمال الخليجية بشكل فاعل ومؤثر .
جملة المشاهد والحلول الاخراجية التى قدمها المخرج عارف الطويل تبدو جديدة على الدراما العمانية واضافية ولكن ماذا تنفع الصورة دونما مضمون قادر على النهوض بالتجربة التى يراد لها ان تعزف على نبض وايقاع جديد يرتقي بالدراما العمانية الى افاق ابعد وارحب واخصب ولكن ذلك لا يحدث امام نص ساكن مستعاد مكرر وشخوص شاهدناها من ذي قبل وقضايا تجاوزتها الدراما حتى العمانية منذ امد بعيد . وهنا تاتى الدعوة لمزيد من الاهتمام بالنص والسيناريو وخلق صيغ متطورة لورش العمل الخاصة بالسيناريو والعمل على سبر اغوار موضوعات تمس وقضايا وشخوص تمس الانسان في المجتمع العماني وحتما ليس منها حكاية ضياع المعزة .
ونحن هنا لا نقلل من الدور الذى قام به الثنائي ( يوسف الحاج ) و ( عصام الزدجالي ) في مجال تاليف العمل وكتابة السيناريو ولكن عليهما التفكير خارج الصندوق وتجاوز كل ما هو تقليدي .. ومشاهد من ذي قبل .
في العمل باقتدار عال الفنان العماني القدير صالح زعل ( نبهان ) وان ظل يحلق خارج السرب وهكذا هي الفنانة القديرة فخرية خميس وطالب البلوشي وعدد من الاسماء الجديدة والتى ظلت بحاجة الى الكثير من الاشتغال عليها لتطوير قدراتها الفنية .
ونتوقف امام معادلة اساسية حيث يظل العمل يلقي باللوم على جيل الشباب ويمارس ضدة الكثير من الاتهامات ومن بينها اتهامة بالانشغال بالهاتف والكسل والغرق في المشاكل والتى لا يصلحها الا الكبار ونحن هنا نحترم جيل الكبار ونجله ولكننا امام منطقة جديدة في الوعي علينا من خلالها تطوير الحوار المشترك وتقبل الاخر والتعاون سويا من اجل بناء اسرة ومجتمع جديدة . وهنا جزء كبير من الخلل الذى ذهب الية العمل والنص من ذي قبل .
ونعود الى سؤالنا المحوري هو مسلسل – منا وفنيا – والطريق الى دراما تلفزيونية عمانية نقول بان العمل لم يظل الطريق اولا ولكنه عاني من اشكاليات كان بالامكان تجاوزها من خلال ورشة متخصصة للكتابة وايضا الاشتغال على الوجوة الجديدة الشابة والتى تمثل رهان مستقبلي لصناعة الدراما في السلطنة ودول مجلس التعاون الخليجي .
ويبقي ان نقول ..
مسلسل – منا وفينا – محطة اولية في مسيرة الدراما العمانية الجديدة وعلينا ان لا نتوقف بل هي دعوة لمزيد من الاشتغال على مفردات الحرفة والصناعة الدرامية من اجل دراما عمانية متميزة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى