ثقافة

فيلم المعلم ترسيخ لبصمة المخرجة الفلسطينية فرح النابلسي

جدة – عبد الستار ناجي


تجربة بعد اخري وفيلم بعد ثان تؤكد المخرجة فرح النابلسي انها منذورة لفلسطين وقضاياها المحورية حيث الانسان الفلسطيني هو الحاضلا الاساسي في جميع التجارب السينمائية التى قدمها وهي في فيلمها ( المعلم ) الذى عرض ضمن عروض مهرجان البحر الاحمر السينمائي الدولي في دورته الثالثة 2023 ترسخ بصمتها وتعزف على مقام ( الهوية ) والصراع اليومي المعاش في الارضي الفلسطينية المحتلة .
ياخذنا فيلم ( المعلم ) الى حكاية باسم ( صالح بكري ) المدرس الفلسطيني الذى تجعلة الصدفة المباشرة والظروف الموضوعية للعيش تحت الاحتلال الاسرائيلي ان يصبح مسؤولا عن شابين يتيمين بعد هدم منزلهما . ولكن احدث الفيلم لا تنتهي فنحن امام قدرية مشرعه على الشهادة والموت حيث يتم اغتيال الاخ الاكبر يعقوب من قبل احدي المستوطنين مما يجعل المعلم باسم لان يصبح مسوولا مسوولية مباشرة حيث ينقله للاقامة عنده . وفي خط متوازي نتابع العلاقة التى راحت تتطور بكثير من الهدوء بين المعلم باسم والبريطانية ( ليزا )( ايموجين بوتس ) المتطوعه في الامم المتحدة لمساعدة الفلسطينيين لتجاوز الظروف والمحن التى تواجههم .
كل تلك الاحداث تتحرك على لتسلط الضوء على تعاون باسم في المقاومة حتى الحظة التى تتمكن بها المقاومة من اختطاف جندي اسرائيلي هو ابن احد كبار المحامين مما يقيم الدنيا ولا يقعدها ..
وتمضي الاحداث بين الشعور بالمسؤولية من قبل باسم اتجاة ( ادم ) وايضا مسؤوليته والتزامه بالتعاون مع المقاومة وايضا علاقته مع ليزا والتعليم وحرصه الشديد ان يظل متوازنا للابتعاد عن العودة للسجن وهو المحمل الضغوط الانسانية التى اقلها وفاة ابنه الطفل في احد السجون الاسرائيلية وانفضاله عن زوجته التى حملته مسؤولية ذهاب ابنهما الي المشاركة في احدي التظاهرات ليقتاد الي السجن والموت لاحقا نتيجة التعرض للبرد والسجن في العراء .

حضور عال المستوي للنجم الفلسطيني صالح بكري ( نجل النجم القدير محمد بكري ) وكان صالح قد شارك المخرجة فرح النابلسي بطولة الفيلم القصير ( هدية ) عام 2020 احد اهم النتاجات السينمائية التى تتناول قضايا الانسان الفلسطيني بمنظور انساني معمق وثري بالمضامين والقيم الكبري .
كعادتها وفي جملة التجارب التى قدمتها تشتغل فرح النابلسي على قضايا الانسان الفلسطيني بعيدا عن النمطية حيث حضور البعد الاجتماعي للعلاقات الفلسطينية – الفلسطينية – وايضا الفلسطينية – الاسرائيلية .
فيلم شديد الذكاء عميق يتجاوز المالوف والتقليدي من الاعمال السينمائية التى تناولت الِشأن الفلسطيني الى حوار وطرح يتجاوز المواجهة الى الحوار وسلوك الدروب القانونية المتاحة رغم انها تكاد تكون مغلقة سلفا ولا يمكن تجاوزها . سينما من نوع مختلف . يقدم لنا لانسان الفلسطيني الذي يعيش على ترسانه متفجرة من القضايا والاشكاليات وعلية ان يتجاوزها بكثير من العقل والحكمة .
انها تجربة تبحث عن فهم جديد لطبيعة العلاقة مع الاحتلال بكل تشابكاته وظروفه المعقدة . وهو امر يظل يشكل علامات استفهام ولربما رفض حتي من قطاعات فلسطينية عدة ولكنه طرح امين يعيش المرحلة وظروفها عبر لغة سينمائية مكتوبة بعناية ومنفذة باحترافية ويكفي ان نشير الى ان الفيلم بالكامل تم تصويره في فلسطين المحتلة . مما يعنى التماس شبه اليومي مع مفردات الاحتلال وظروفه القاسية والمحبطة .
في الفيلم اداء عال الكعب للفنان صالح بكري ونقلات درامية بين الهدوء الى التفجر وصولا الى التضحية بالذات من اجل الالتزام والمسوولية وتمهيد الطريق لجيل السباب وهو الرهان المستقبلي .
ونشير هنا الي ان المتن الدرامي يستمد تاثيراته من حكاية الافراج عن الجندي الاسرائيلي ( شاليط ) مقابل اكثر من ( الف ) من السجناء الفلسطينيين بينهم مئات النساء والاطفال .
فرح النابلسي ليست مجرد مخرجة انها مناضلة حقيقية نذرت نفسها ومسيرته من اجل ان تظل فلسطين والانسان الفلسطيني نابضا حيا في صالات السينما والمهرجات حول العالم وهذا بحد ذاته منجز يدعونا لان نرفع القبعة احتراما وتقدير لهكذا جهد يذهب الى العقل ويناضل بطريقه ابداعية حكيمة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى