ثقافة

فيلم حوجن.. السينما السعودية ومعادلة فضاء الفرجة!

كتب – عبد الستار ناجي


معادلة فضاء الفرجة من القضايا الصعبة والدقيقة والحساسة والتى تتطلب مقادير عالية من الاختيارات والتحليل للانطلاق الى فضاءات الفرجة والتى سبقنا اليها الكثير من صناع الفن السابع . وحينما نتحدث عن تجربة فيلم – حوجن – للمخرج ياسر الياسري والمقتبس عن نص روائي بذات الاسم للروائي السعودي ابراهيم عباس .

وحتى لا نستبق الاحداث ونحرق المسافات نذهب اولا الى ذلك النص الذى تجري احداثه في اطار من الخيال والرومانسية حول العلاقة بين سوسن ( العنود سعود ) طالبة الطب والجني ( حوجن ) براء عالم . وتجري الاحداث في مدينة جدة حيث تسكن ( سوسن ) مع اسرتها في منزل تقيم عائلة من الجن اضطرت الى الابتعاد عن عالم الجن لخلاف اسري وحماية ابنهم ( حوجن ) نتيجة صراع وخلاف اسري مع ابن عمه الذى استولي على عرش الجن الذى كان من المفترض ان تؤول تبعينه الى ( حوجن ) .

هكذا هو المحور الاساس للبناء الدرامي للنص الروائي وايضا الفيلم دونما اضافات بناء على القراءة المسبقة للنص الروائي الذى جاء مشبعا بالخيال بالذات تلك التى تتعلق بالعلاقة بين حوجن ووالدته وجده من طرف وحوجن وسوسن وايضا الصراع العنيف الذى يقودة ابن عم حوجن الساعي للمحافظة على عرشه في عالم الجن .

وحينما ياتى الفيلم تبدو معادلات فضاء الفرجة منقوصة وغير ناضجة رغم ضخامة الانتاج والامكانيات والدعم الكبير الذى حصده الفيلم منذ الاعلان عن مشروع انتاجه في العام الماضي في مهرجان البحر الاحمر السينمائي ويكفي ان نشير الى اسماء عدة جهات من بينها شركة ايمج نيشن – ابوظبي – وفوكس سينما – واستديوهات ام بي سي …

حينما تجتمع هكذا اقطاب انتاجية فنحن عندها امام ( حتمية) بلوغ اقصي دراجات التكامل في معادلات الفرجة والطرح الفني والابداعي الذى يغطي كافة عناصر العرض السينمائي .
الملاحظات تبدا منذ عملية ( الكاستينج ) لاختيار عناصر التجربة حيث كم من الملاحظات حول جملة الشخصيات بالذات ( شخصية سوسن ) فنحن امام فتاة تدهش وتعجب شاب من الجن .. ونحن هنا نتحدث عن القيم الجمالية وايضا الاداء الذى يبدو باهتا خصوصا في تلك المشهديات التى تجمع بين ( سوسن ) و( حوجن ) التى جسدها الفنان السعودي براء عالم عبر انتقالات دقيقة للحالات التى مرت بها الشخصية سواء في لحظات الاعجاب او التواصل وصولا الى الصراع بينما كانت انتقالات ( سوس ) سريعة غير مبررة وهو ما لا يمكن ان يحدث خصوصا عند المحاذير عند الفتاة الشرقية فكيف اذا ما كانت هذة العلاقة مع جنة !
وعلى صعيد الحرفيات ورغم الاحترافية العالية في ادارة الفنية للمشاهد وتصميم الاضاءة والتصوير الا اننا كنا في البداية امام كم من المشاهد المعكوسة ( كروس ) وفي الماكياج حدث ولا حرج بالذات ماكياج ( الجد) والجن .

وفي فضاء الفرجة تبدو الاغاني مقحمة وغيره مبررة ولا تحقق اي اضافة خصوصا تلك التى كانت في بداية العلاقة رغم حتمية ان هكذا علاقة لن تستمر ولن تكتمل وهذا ما شاهدناه من ذي قبل في الكثير من الاعمال السينمائية لعل اخرجها تحفة الاسترالي جورج ميلر :
THREE THOUSAND YEARS OF LONGING
ونحن هنا لسنا في معرض المقارنة لاننا امام تجربة لا تزال تتكون في الرحم وتمثل احدي الطموحات السينمائية للسينما السعودية ولربما الخليجية التى تذهب الى هكذا فضاء وموضوع صعب المنال ويحتاج الى نوعية خاصة من الجمهور ومواصفات فرجة عالية تاخذنا الى تلك العوالم من الدهشة والاستمتاع خصوصا عوالم الجن وبالذات مشهديات الصراع والتى نفذت بهامش متواضع من الدهشة والاحترافية .
ان هكذا تجربة سينمائية وهكذا موضوع وقضية تظل بامس الحاجة الى فضاء ابداعي عال المستوى ينطلق من الكتابة لدراسة التحولات بشكل اعمق ومنح المشاهد رؤية بصرية فنية ساحرة خلابة .

ان الانتقال من فن الرواية الى فن السينما امر يتطلب الى فريق متخصص لان امام فن مختلف شكلا ومضمونا . كما ان هكذا تجربة بهكذا دعو واسناد مالى ومعني يدعونا الى منطقة اعلي من الطموحات لمشاهد فعل سينمائي لا نفارقة فور مغادرة الصالة . فنحن امام فيلم سرعان ما ذهب الى النسيان فور ان اضاءه صالة العرض اضواءها لاننا لم نعثر على مواصفات الفرجة السينمائية العالية الجودة .
وحتى لا نطيل ..
فيلم – حوجن – يتطلب قراءة متانية في عناصر التجربة حول حصاد التجربة شكلا ومضمونا وابداعا ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى