الفنلندي المبدع اكي كاورسماكي في الأوراق المتساقطة.. الحب في مدينة ميتة!
كان – عبد الستار ناجي
كلما عاد المخرج الفنلندي الكبير اكي كاروسماكي الى مهرجان كان السينمائي حمل معه تحفة ثرية بالمضامين . وفي فيلمه – الاوراق المتساقطة – يستحضر علاقة بين رجل وامراة مطحونين في مدينة قاسية علي خلفية التهديدات التى يطلقها الرئيس الروسي بوتين على تدمير فنلندا خلال الحرب الضروس التى تعيشها اوكرنيا واوروبا ودخلت عامها الثاني .
تملأك الرومانسية الرومانسية اللطيفة بين الزوجين الفرديين لمخرج الأفلام الفنلنديين توهجًا رائعًا وتضحك في وجه تهديد بوتين للبلاد هكذا هو المحور الاساسي الذي يشتغل عليه كاروسماكي وبطريقته المشبعة بالسخرية التى تذهب الى كل شي الحرب والظروف الصعبة التى تحيط بالشخصيات الى الاغاني و الايقاع البطئ الذى تعيشه البلاد .
كاروسماكي هو المخرج الفنلندي المعروف لكونه ليس مجرد مخرج مرحب به دائمًا في مسابقة كان ، ولكنه أيضًا أحد المخرجين الأكثر ندرة الذين يصنعون أفلامًا
مضحكة وساخرة وثرية بالمضامين
وفيلمه الجديد – الاوراق المتساقطة – هو احد الاعمال الكوميديا السينمائية الخادعة والمبهجة والتي تتميز بالحضور العالي على موسيقى الروك. إنه رومانسي ولطيف
بأسلوب جامد لا يقوض أو يسخر بأي حال من الأحوال من المشاعر المعنية ومع بعض الأشياء الحادة التي يمكن قولها عن السياسة المعاصرة .
نتابع حكاية أنسا (ألما بويستي) هي امرأة تعمل في سوبر ماركت بموجب عقد استغلالي لمدة صفر ساعة ، وتستاء من هذا الجزء من وظيفتها المتمثل في التخلص من طعام منتهي الصلاحية وهو جيد تمامًا في نهاية اليوم ؛ يراقبها حارس أمن متجهم وهو يعطي أشياء كهذه للأشخاص الجائعين اليائسين ، ويتم طردها لمحاولتها أخذ شطيرة منتهية الصلاحية إلى المنزل .
في وقت لاحق ، تجد أنسا نفسها في حانة كاريوكي حيث تلتقي بعامل بناء يُدعى هولابا (جوسي فاتانين) ، وهناك علاقة حميمة بين هذين الشخصين الوحيدين. يذهبون في تاريخ ناجح للغاية إلى السينما ، على الرغم من أن سلسلة لاحقة من الحوادث المؤسفة المروعة تعني أن علاقتهم يمكن أن تنهارحيث هولابا مدمن ويتم طرده من عمل تلو الاخر لانه لا يتوقف عن الشرب حتى خلال العمل .مما يجعل تلك العلاقة لا تكاد تكتمل بسبب الشرب والحوداث التى يتعرض لها .
كل ذلك ياتى على خلفية تكاد تتكرر حيث ستقوم الشخصيات بشكل دوري بتشغيل الراديو من أجل الأخبار (يبدو أن لا أحد لديه أي شيء حديث مثل الهاتف الذكي أو حتى التلفزيون – يمكن أن يحدث الحدث أيضًا في أوائل الستينيات) ؛ كل هذا يتعلق بالهجوم الروسي على أوكرانيا ، الذي يملأ المستمع بالاستياء والاكتئاب والتحدي. ولا شك أن كاروسماكي يعتزم أن ندرك شيئًا محددًا للغاية: ان فلنندا تقع على الحدود مع روسيا .. وهنا الخطر الدهم .
الخوف من البوتينية ليس هو الشيء البعيد الذي قد يكون في فرنسا او المملكة المتحدة أو أمريكا أو حتى ألمانيا: بالنسبة لفنلندا ، فإن قوات بوتين قريبة جدًا. تعكر الحرب إحساس فنلندا بالرفاهية ، لكن الفنلنديين ما زالوا عازمين على الاستمرار..
فيلم متوهج رغم مساحة السخرية الطرح ( الكارتوني ) للشخصيات ولعله النهج الذى اعتاد هذا المخرج القدير ان يصيغ اعماله السينمائية مثل ( اضواء في الفجر ) و ( رجل بلا ماضي ) و ( احذر على اسرارك تاتيانا ) و ( حياة بوهيمي ) وغيرها من الاعمال الخالدة لهذا المخرج الفنلندي القدير .
