ثقافة

الفيلم المغربي صحاري الثلث الخالي لفوزي بنسعيدي.. يعزف على أوتار الألم

كان – عبد الستار ناجي


عبر كتابة مقرونه بسخرية عالية يأخذنا الفيلم المغربي – صحاري – الثلث الخالي – الى منطقة عامرة بالالم والهم الانساني عبر حكاية ثنائي يعملان في شركة لتحصيل الأموال الخاصة بالقروض عبر الصحاري والقرى . ليجدان انفسهما امام قصيدة مشبعة بالالم حيث الفقر والتعب والحياة المقرونة بالبطالة والوحدة .


المخرج فوزي بنسعيدي يمتاز بلغة سينمائية ساخرة بل مفرطة بالسخرية التى تجعل المشاهد يتورط في متعة المشاهدة ولكنه سرعان ما ينزلق الى تلك المعادلات والمقولات التى يريدها هذا المخرج الذى يؤكد تجربة بعد اخري علو كعبه وتميزه .


والمتابع والراصد لمسيرة بنسعيدي التى تعود الى مرحلة سبقت فيلمه الروائي الاول – الف شهر – وعرض هنا في مهرجان كان السينمائي الدولي وحقق جائزتين اكدا باننا امام موهبة سينمائية متفردة وطموحة . بعدة قدم افلام – ياله من عالم رائع – و – موت للبيع – و – ليلي – وصولا الى فيلمه الاخير – صحاري .


الذى ياخذنا الى حكاية الصديقين مهدي وحميد والذين يعملان في وكالة تحصيل الاموال. يجوبون الانحاء البعيدة هناك خلف الصحاري المغربية والقري النائية القصية حيث الجنوب المغربي الذي يذكرنا بالصحراء الكبري والربع الخالي فاذا نحن امام الثلث الخالي عبر سيارتهم القديمة وهذة لوحدها لها حكاية ومواقف .. هذا الثنائي ترك همومه هناك في الدار البيضاء ليعيش هموم الاخرين خلال رحلتهم يتشارك مهدي وحمبد ذات الغرف المزدوجة في الفنادق المتهالكة. لديهم نفس الحجم بالضبط ، نفس البدلات وربطات العنق ، نفس الأحذية. دفعوا أجرًا زهيدًا ، حاولوا اللعب بقوة لكسب المال. ذات يوم ، في محطة وقود مزروعة وسط الصحراء ، تقف أمامهم دراجة نارية. رجل مقيد في رف الأمتعة ، مهددًا. إنه الهروب. يمثل اجتماعهم بداية رحلة جديدة مشبعه بالمغامرات حيث يتمكن الهارب من فك قيوده والذهاب الى حبيبته القديمة ومن قبلها يقوم بالسطو .. ولكن حبيبته كانت قد تزوجت من رجل اخر وانجبت منه عدة اطفال وهي مشهورة بحياكة السجاد بمهارة عالية .


ولكن قبل تلك الرحلة الاخيرة يتوقف بنا الفيلم في عدد من المحطات في كل محطة مشهد له بداية وله نهاية ودائما نبض السخرية المشبعة بايقاع الالم الانسانى والفقر الذى يجعل تلك الشخوص تعجز عن سداد الديون والمستحقات .
عشرات الشخصيات والحالات العاجزة عن الدفع والسداد وهي مهددة بخسارة كل ما تمتلك بما فيها سجادة صغيرة وبقايا البقايا وغيرها والتى تجعل ذلك الثنائي امام ورطة كبري عند قيادات الشركة حيث تراجع العوائد .


حكاية عبر اخري وموقف بعد اخر تصل الرحلة الى لقاء ذلك المجرم الهارب والذى يسعي للارتباط مجددا بحبيبته السابقة وفي الحين ذاته يجد نفسه مطارد من قبل زوج صديقته السابقة والذى يقوم باغتياله ويترك جثته في احد الانهار الصغيرة حيث ترسو تلك الجثة امام الثنائي مهدي وحميد ليحصلا على المال الذى قد يعوض شي من تلك الرحلة ومشاكلها .. ولكن يظل الفيلم مشرع الابواب امام صحاري من الالم والفقر والهموم والاحلام التى تظل مثل السراب البعيد المنال .


قام فوزي بنسعيدي بكتابة السيناريو واخراج الفيلم وشارك بالبطولة فهد بنشمسي ووعبدالهادي الطالبي ورابي بن جليل وكم اخر من الاسماء التى تطل كضيوف شرف في هذا المشهد او ذاك .
ويبقي ان نقول ..
فيلم – صحاري – الثلث الخالي – سينما الالم والسخرية على طريقة المخرج المغربي فوزي بنسعيدي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى