ثقافة

فيلم جنائن المعلقة للمرخج أحمد ياسين الدراجي.. حصاد مكب النفايات!

جدة عبد الستار ناجي

يعاني الفيلم العراقي ( جنائن معلقة ) للمخرج احمد ياسين الدراجي من حالة صريحة من الخلل بين المضمون والدلالات . حيث الاحداث تجري في مكب النفايات الاسطوري ( جنائن بابل معلقة ) حيث يعثر الاخوين اسعد وشقيقة الاكبر طة علي نفايات الجيش الاميركي وهنا يعثر اسعد الفتي الصغير على مجموعة من المجلات الجنسية التى يقوم بيعها وتوزيعها . ويتطور الامر حينما يعثر هذا الفتي الصغير على دمية مطاطية جنسية ليقوم باستثمارها مع احد اصدقائة وتكون تلك الدمية بمثابة الاختبار الحقيقي لطبيعة العلاقة التى تحكم اسعد وطة وايضا المجتمع الذي يحيط به .. هكذا هى المتن الروائي للفيلم .
الا ان مفردات الخلل تاتى عبر ذلك الكم من الشخصيات والاحداث التى تذهب كل منها في اتجاة فهذا الاخ الاكبر طة ( دلالات الاسم ) مشغول بمراقبة ابنة الجيران من خلال غرفة الحمام . بل انه يقضي كل وقته في مكب النفايات منصاعا لبيع كل ما يجمع الى احدي الشخصيات المتنفذة وفي المقابل مراقبة تلك الفتاة ابنة الجيران .. فيما تزدحم بقية الشخصيات التى تظهر وتذهب جلة مشغول بهموم صغيرة ذات بعد جنسي حيث تمتد الطوابير طويلا من اجل الحصول على دقائق للدخول على تلك الدمية التى تحولت الى حلم الشباب وايضا مصدر دخل لاسعد وصديقة .
مشهديات مكب النفايات والاستهلاله اكثر من رائعة ولكن الى اين تذهب بنا تلك الحكاية ودلالاتها والتمادي في لعبة الخواء حيث لا حلم لطه سوي البحث عن امل في مكب للنفايات ومراقبة ابنة الجيران مما يحجم الشخصية وابعادها ودلالاتها .
حتى مساحة الحلم عند اسعد الرافض والعنيد والذي ينتهي بحثه في مكب النفايات الى شاب يستثمر تلك الدمية ويقضي جل وقته مهتما بها ولكن لبيعها للاخرين .
حكايات كثيرة ولكنها تظل بلا هدف وبلا بعد . ونتساءل لماذا اخذت حكاية الدمية كل هذا البعد وباتت المسار الاساسي على حساب بقية الشخصيات والمضامين والقضايا .
ومنها حكاية طه الذى تظل شخصيته من حيث الكتابة ضيقة لا تكاد تتطور رغم الاشتغال المتميز من قبل الممثل . ولعل دلاله مشهد اطلاق الطيور لتعود الى المنزل ثريه ولكنها لا توصل الشخصية الي ذات الحلم بالعودة ولربما تطوير العلاقة مع ابنه الجيران ..
فيلم – جنائن معلقة – انتاج عراقي ( ضخم ) بمشاركة عدد من شركات الانتاج العربية والدولية . وكان الفيلم قد عرض في مهرجان البندقية السينمائي الدولي .
ولكننا نعود الى بيت القصيد الى معادلة المضمون والدلالات . حيث يفترض ان تاخذنا تلك المضامين الى دلالات اكثر عمقا للتحليل والاستنتاج . ولكن ظلت الامور اسيره تطوير حالة العلاقة مع الدمية بينما نحن امام مكب اسطوري باشارات بقايا ومخلفات الجيش الاميركي من المجلات الجنسية والدمية المطاطية وصولا الى حطام الدبابة .
في الفيلم هناك نوايا كبيرة ولكن الكتابة همشت التجربة لتظل مجرد حكاية طفل يعيش في ذلك المكب ليس من اجل تحسين حالته والخلاص ولكن من اجل مزيد من الانكسار في الشخصية حتى في علاقته مع شقيقة وصديقة وايضا الدمية التى احبها ولكنه يبيع جسدها .
فيلم – جنائن معلقة – يعني من ازدحام في المشاهد بشكل غير مبرر ومن قبلها كتابة ( هشة ) وشخوص ( لا تتطور ) واحلام ( ساذجة ) واحدث ( غير مبررة ولا تثري البناء الدرامي ) الذى انشغل بحكاية الدمية على حساب رسالة العمل ومقولته النهائية ..
ويبقي ان نقول بان المخرج احمد حسين الدراجي قدم لنا فيلم – جنائن معلقة – بنوايا كبيرة ولكن بحصاد سينمائي هو اقرب الى حصاد مكب النفايات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى