ثقافة

المرأة في أفلام مهرجان كان السينمائي 2023 .. الكينونة!

كان – عبد الستار ناجي


يمثل حضور المرأة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي في دورته السادسة والسبعين حالة عالية من السخاء والاهتمام حتى انها باتت محور اساسي في عدد من تلك الافلام والتى توج بعضها بالجوائز في الحفل الختامي .
حضور عالي الكعب للمرأة وقضاياها في افلام مهرجان كان وهو امر لم تخلقة الصدفة بل هو نتاج حتمي للحالة الابداعية التى يستحرك من خلالها كبار صناع الفن السابع الذين حطوا رحالهم في مدينة كان جنوب فرنسا .
والحديث عن المرأة في افلام مهرجان كان يعني الحديث عن المتغيرات التى يشهدها العالم والدور المنطاق بالمراة وايضا التعبير عن قضاياها في انحاء العالم حيث راحت المرأة تحتل موقعها وتمارس دورها الفاعل والاساسي .
ودعونا نرحل من مع افلام مهرجان كان . ففي فيلم الافتتاح – جان دو باري – للمخرجة الفرنسية ماوين والتى جسدت دور – جان دو باري – السيدة خريجت المواخير والتى اصبحت خليلة الملك لويس الخامس عشر والتى تميزت بثقافتها العالية ومقدرتها على تطوير وعي – ملك الشمس – لويس الخامس عشر .
في فيلم – العودة – للمخرجة كاثرين كورسيني – يتم استدعاء حكاية امراة ذات اصول افريقية من مدينة كورسيكا تعود مع بناتها من مارسيليا الى كورسيكا وهناك تواجة العنصرية تاره وانطلاق بناتها الى عوالم الحرية والسهر والبحث عن الذات في تجربة سينمائية تظل متفجرة بالقضايا .
بطريقة ثرية يرصد المخرج التركي نوري بليج جيلان في فيلمه – عن العشب اليابس – حكاية معلم يدرس في منطقة في الغرب التركي حيث درجات الحرارة تظل تحت الصفر لاشهر طويلة وهناك نتابع حكايته مع مدرسة رسم وايضا احدي طالباته وبين تلك العلاقة والثانية يخون هنا ويرفض هناك ولكن نظل المراة في المحور الذى يتجاوز ويفكر بالغد .
ونتوقف عند المراة في فيلم – منطقة الاهتمام – لجوناثان جلازر . حيث تسجد النجمة الالمانية ساندرا هولر دور ( ادرويج ) زوجة القائد الالماني ( رودولف ) المسؤول عن معسكر شواتز حيث كانت المحارق ضد اليهود . وكانت تلك السيدة تتصور انها تعيش بالجنة مع زوجها واطفالها رغم انها تعلم جيدا انها تعيش وسط الكارثة . لقد كانت تسمع يوميا الصراخ وصوت الطلقات النارية وايضا الدخان المتصاعد وراحة شواء الاجساد البشرية البريئة وتهمتها انها يهودية فقط . اداء راع ومتفرد لمبدعه كبيرة وشخصية مركبة تتطلب الكثير من الفكر للتقمص والمعايشة .
وفي فيلم بنات الفه للمخرجة التونسية كوثر بن هنية حيث تستحضر حكاية امراة تونسية ظلت تعمل على حماية بناتها الاربعة ورعايتهن بعد انفصالها عن زوجها حتى اللحظة التى تعلم بان اثنتين من بناتها ذهبن الى ليبيا للاخراط في التطوع مع جماعة داعش . وهنا تتفجر تلك المراة غضبا وتحديا واصرار من اجل استعادة بناتها اللواتي لا يزلن في في السجون الليبية بتهمة الارهاب .
مع فيلم – بانيل وادما – تاخذنا المخرجة الفرنسية ذات الاصول السنغالية الى حيث القري البعيدة في السنغال وحكاية بانيل وادما التى تواجة الخرافة والجفاف وتحاول ان تحقق مكانتها وسط ذلك العالم القاحل حتى بالاحاسيس .
بينما يناقش المخرج الاميركي تود هاينس في فيلمه – مايو ديسمبر – حكاية لقاء بين ممثلة والشخصية التى ستقدمها من اجل معايشتها فاذا بها تخون الشخصية الرئيسية مع زوجها لنكون امام حكاية جديدة .
من التجارب المهمة التى تستدعي حضور المراة ياتى فيلم – تشريح السقوط – للمخرجة جاستين تريت . وايضا الاداء المدهش للالمانية ساندرا هولر التى تتقمص دور كاتبة تعيش مع زوجها وابنها الذى فقد بصره في حادث . حيث توجه الاتهامات للزوجة بعد العثور على الزوج ميتا اثر سقوطه من الدور الثاني . وبعد كم التحقيقات ومحاولة الصمود من قبل الزوجة امام الاتهامات التى وجهت اليها يتم اكتشاف ان الزوج قد انتحر لانه كان يعيش الكابة .
وفي فيلم – فاير بيراند – للمخرج البرازيلي ذو الاصول الجزائرية كريم عينوز ياخذنا الى مرحلة الملك هنري الثامن ولكن عبر زوجته السادسة كاثرين التى اصبحت وصية على العرش اثناء غيابة وتميزت بحكمتها ورصاتها ورغبتها الاكيدة في ترجمة الانجيل من اللاتينية الى الانجليزية الامر الذى ظل مرفوضا من قبل الكنسية واقطابها الذين كانوا يحاولون الخلاص منها .شخصية رائعة جسدتها الممثلة البريطانية اليشا فكاندر .
بينما يستحضر لنا المخرج الفلندي القدير اكي كاروسماكي في فيلمه – الاوراق المتساقطة – حكاية سيدة تعيش وحيدة تعمل في احد محلات بيع الجميلة تجمعها الصدفة مع رجل وحيد مدمن كلاهما يعيش البطالة والبحث عن الذات والخلاص من تلك الحالة المتجمدة من المشاعر والعلاقات الانسانية .
وعند فيلم – النادي صفر – كلوب زيرو –تقدم لنا المخرجة جيسكا هوسنر حكاية مدرسة تقول بغسل عقول طلبتها حيث تجعلهم يعتقدون بل يؤمنون انه لا اهمية لتناول الطعام لانه يطهر ارواحهم ويمنحهم القدرة على الانعتاق والسمو . وفي هذة التجربة تتحول تلك المدرسة الى سلطة لخلق التطرف حتى يتحول تلك المجموعة من الطلاب الى ادوات تتحكم بهم .
ومع المخرج القدير ماركو بلوكيو في فيلمه – المختطف – نرصد نضال ام يهودية قررت الكنسية اخذ طفلها الصغير بحجة انه تم تعميدة في طفولته . اداء وتقمص ورحلة مشبعة الامل والتحدي ولكن الطفل لا يعود فقد حولته الكنسية الى قسيس يطيع اوامر الكنسية .
ومع المخرج الفيتنامي الفرنسي – تران ان هونج – في فيلمة – عاطفة دودين – نتابع حكاية العلاقة التى جمعت بين الطباخة ايجوين ( جولييت بينوش ) والطباخ ( دودين ) بانوه ميجاميل . والذين سرقهما عشقهما الى الطبخ من تكوين اسرة والعيش كزوجين .
في التحفة السينمائية – السديانة المعمرة – ( ذا اولد واك ) للمخرج الاستاذ كين لوش نتابع حكاية قرية بريطانية يصلها مجموعة من اللاجئين السوريين حيث تتداعي المواقف بين ما هو عنصري وما هو متعاطف عبر علاقة تجمع بين لاجئة سورية ( عبلة ماري ) والتى جسدت دور – يارا – مع صاحب مقهي ( دافي تورنر ) والذين يعملان سويا لتطوير التضامن بين السكان واللاجئين . وعلينا انى نتوقف طويلا امام الاداء العفوية العميق الذى قدمته الفنانة الشابة عبلة ماري والذى يتناغم مع النهج الذي يشتغل علية كين لوش باسلوبة الواقعي والذي يعبر عن الالم الانساني بشفافية عالية .
النساء في مهرجان كان السينمائي باحثات عن الحرية والامل والمستقبل وقبل كل هذا الكينونة امام التحديات الجسام التى تعترض حياتهن ومسيرتهن ومستقبلهن ..هكذا جاءت مسارات المرأة وقضاياها في افلام مهرجان كان السينمائي .. وعلى المحبة نلتقي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى